للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"الهاء"، لاعتداد العرب ب"الهاء" التي في نظائرها في عداد النكرات. قالوا: ولو كان ذلك"حق التلاوة"، لوجب أن يكون جائزا:"مررت بالرجل حق الرجل".

فعلى هذا القول تأويل الكلام: الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوة.

* * *

وقال بعض نحويي البصرة: جائزة إضافة"حق" إلى النكرات مع النكرات، ومع المعارف إلى المعارف، وإنما ذلك نظير قول القائل:"مررت بالرجل غلام الرجل"، و"برجل غلام رجل".

فتأويل الآية على قول هؤلاء: الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته (١)

* * *

وأولى ذلك بالصواب عندنا القول الأول، لأن معنى قوله: (حق تلاوته) ، أي تلاوة، بمعنى مدح التلاوة التي تلوها وتفضيلها."وأي" غير جائزة إضافتها إلى واحد معرفة عند جميعهم. وكذلك"حق" غير جائزة إضافتها إلى واحد معرفة.

وإنما أضيف في (حق تلاوته) إلى ما فيه"الهاء" لما وصفت من العلة التي تقدم بيانها.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ}

قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (أولئك) ، هؤلاء الذين أخبر عنهم أنهم يتلون ما آتاهم من الكتاب حق تلاوته، وأما قوله: (يؤمنون) ، فإنه يعني: يصدقون به. و"الهاء" التي في قوله:"به" عائدة على"الهاء" التي في"تلاوته"، وهما جميعا من ذكر الكتاب الذي قاله الله: (الذين آتيناهم الكتاب) .

فأخبر الله جل ثناؤه أن المؤمن بالتوراة، هو المتبع ما فيها من حلالها وحرامها، والعامل بما فيها من فرائض الله التي فرضها فيها على أهلها، وأن أهلها الذين هم أهلها من كان ذلك صفته، دون من كان محرفا لها مبدلا تأويلها، مغيرا


(١) الصواب أن يقول: "حق تلاوة الكتاب"، ولعل الناسخ أخطأ.

<<  <  ج: ص:  >  >>