للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال آخر:

وَتَرْكَبُ خَيْلا لا هَوَادَةَ بَيْنَها ... وَتَشْقَى الرِّمَاحُ بالضَّياطِرَةِ الحُمْرِ (١)

وإنما تشقى الضياطرة بالرماح. قال: والخيل ههنا: الرجال.

وقال آخر منهم: (مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ) قال: وهذا موضع لا يكاد يبتدأ فيه "إن"، وقد قال: (إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) وقوله: (لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ) إنما العصبة تنوء بها; وفي الشعر:

تَنُوءُ بِها فَتُثْقِلُها عَجِيزَتُها (٢)

وليست العجيزة تنوء بها، ولكنها هي تنوء بالعجيزة; وقال الأعشى:

ما كُنْتَ في الحَرْبِ العَوَانِ مُغَمَّرًا ... إذْ شَبَّ حَرُّ وَقُودِها أجْذَالَها (٣)


(١) البيت لخداش بن زهير (اللسان: ضطر) والضياطرة: جمع ضيطر، كالضيطري والجمع: ضياطر وضياطرة. وهم العظماء من الرجال؛ وفي كلام علي عليه السلام: من يعذرني مع هؤلاء الضياطرة، وهم الضخام الذين لا غناء عندهم. قال في اللسان: وقول خداش بن زهير: "ونركب خيلا ... البيت": قال ابن سيده: يجوز أن يكون عنى أن الرماح تشقى بهم، أي لأنهم لا يحسنون حملها، ولا الطعن بها. (قلت: وعلى هذا التوجيه، لا شاهد في البيت) . ويجوز أن يكون على القلب، أي: تشقى الضياطرة الحمر بالرماح، يعني أنهم يقتلون بها. والهوادة: المصالحة والموادعة. قلت: وعلى التوجيه الثاني من كلام ابن سيده، يصح الاستشهاد بالبيت، لما فيه من القلب. قال أبو عبيدة: وإنما يشقى الضياطرة بالرماح. اه. قلت: وهو شاذ كالذي قبله
(٢) لم أقف على هذا الشعر.
(٣) البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة (ديوانه طبع القاهرة بشرح الدكتور محمد حسين ص٣١) وهو من قصيدة يمدح بها قيس بن معد يكرب. والحرب العوان: التي قوتل فيها مرة ثانية بعد الأولى، كأنهم جعلوا الأولى بكرًا. والمغمر: الذي لم يجرب الأمور.
وشب النار: أوقدها. والأجذال: جمع جذلى (بكسر الجيم وسكون الذال) وهو ما عظم من أصول الشجر المقطع، يجعل حطبًا ووقودًا للنار. والبيت خطاب للممدوح يقول له الشاعر: أقسم بمن جعل الشهور علامة ومواقيت للناس (في البيت الذي قبل البيت) أنك لم تكن في الحرب الشديدة جاهلا بإرادتها على الأعداء حين أوقد حرها الأجذال والحطب. وقد جعل الشاعر الحر هو الذي أوقد الأجذال. وفي هذا قلب للمعنى، والأصل: إذا شبت الأجذال حر الحرب. وعلى هذا القلب استشهد به المؤلف، وهو كالشاهدين قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>