عليه، ومن عقوبة الله أن تناله، كما تنال سائر البلدان، من خسف، وائتفاك، وغرق، (١) وغير ذلك من سخط الله ومثلاته التي تصيب سائر البلاد غيره، كما:
٢٠٢٦- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن الحرم حُرِّم بحياله إلى العرش. وذكر لنا أن البيت هبط مع آدم حين هبط. قال الله له: أهبط معك بيتي يطاف حوله كما يطاف حول عرشي. فطاف حوله آدم ومن كان بعده من المؤمنين، حتى إذا كان زمان الطوفان -حين أغرق الله قوم نوح- رفعه وطهره، ولم تصبه عقوبة أهل الأرض. فتتبع منه إبراهيم أثرا، فبناه على أساس قديم كان قبله.
* * *
فإن قال لنا قائل: أوما كان الحرم آمنا إلا بعد أن سأل إبراهيم ربه له الأمان؟
قيل له: لقد اختلف في ذلك. فقال بعضهم: لم يزل الحرم آمنا من عقوبة الله وعقوبة جبابرة خلقه، منذ خلقت السموات والأرض. واعتلوا في ذلك بما:-
٢٠٢٧- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق قال، حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري، قال سمعت أبا شريح الخزاعي يقول: لما افتتحت مكة قتلت خزاعة رجلا من هذيل، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال:"يا أيها الناس، إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأض، فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما، أو يعضد بها شجرا. ألا وإنها لا تحل لأحد بعدي،
(١) في المطبوعة: "وانتقال" مكان"وائتفاك"، وذاك لفظ بلا معنى هنا وبلا دلالة. والائتفاك الانقلاب، وهو عذاب الله الشديد الذي أنزله بقوم لوط، فقال سبحانه في سورة هود: "فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها"، وهذا هو الائتفاك، ائتفكت بهم الأرض: أي انقلبت فصار عاليها سافلها، فسمى الله هذه القرى، قرى لوط"المؤتفكات" في سورة التوبة: ٧٠، وفي سورة الحاقة: ٩، وقال في سورة النجم: ٥٢-٥٣"والمؤتفكة أهوى فغشاها ما غشى"