للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم تحل لي إلا هذه الساعة، غضبا علي أهلها. ألا فهي قد رجعت على حالها بالأمس. ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فمن قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل بها! فقولوا: إن الله قد أحلها لرسوله ولم يُحِلَّها لك". (١)

٢٠٢٨- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبد الرحيم بن سليمان - وحدثنا ابن حميد وابن وكيع قالا حدثنا جرير - جميعا، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لمكة حين افتتحها:"هذه حرم حرمه الله يوم خلق السموات والأرض، وخلق الشمس والقمر، ووضع هذين الأخشبين، لم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، أُحِلَّت لي ساعة من نهار. (٢)

* * *


(١) الحديث: ٢٠٢٧- هذا مختصر من حديث صحيح مطول:
فرواه أحمد في المسند: ١٦٤٤٨ (ج ٤ ص ٣٢ حلبي) ، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، بهذا الإسناد.
ورواية ابن إسحاق ثابتة أيضًا -مطولة- في سيرة ابن هشام ٤: ٥٧-٥٨ (حلبي) ، و ٨٢٣- ٨٢٤ أوربة، ٢: ٢٧٧-٢٧٨ (من الروض الأنف) .
ورواه أيضًا، بنحوه، أحمد: ١٦٤٤٤ (ج ٤ ص ٣١) ، والبخاري ١: ١٧٦-١٧٧، و ٤: ٣٥-٣٩ (فتح) ، ومسلم ١: ٣٨٣-٣٨٤ كلهم من طريق الليث بن سعد، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي شريح.
وقوله في الحديث: "أو يعضد بها شجرا"، أي يقطعه، يقال"عضد الشجر"، من باب"ضرب" قطعه.
وقوله: "غضبا على أهلها": هذا هو الصحيح الثابت في رواية ابن إسحاق، في المسند، وسيرة ابن هشام، وفي المطبوعة: "عصى على أهلها". وهو تصحيف.
(٢) الحديث: ٢٠٢٨- هذا الحديث رواه الطبري بإسنادين، عن ثلاثة شيوخ: فرواه عن أبي كريب محمد بن العلاء، عن عبد الرحيم بن سليمان الرازي. ثم رواه عن ابن حميد - وهو محمد بن حميد الرازي، وعن ابن وكيع - وهو سفيان بن وكيع، كلاهما: أعني ابن حميد وابن وكيع، عن جرير بن عبد الحميد الضبي. ثم يجتمع الإسنادان: فيرويه عبد الرحيم بن سليمان وجرير بن عبد الحميد"جميعا عن يزيد بن أبي زياد".
وهذه الأسانيد ظاهرها الصحة، وإن كان سفيان بن وكيع ضعيفا، كما بينا في: ١٦٩٢- فإن الطبري لم يفرده بالرواية عنه، بل قرن به محمد الرازي، وهو ثقة - إلا أن في الحديث انقطاعا، بين مجاهد وابن عباس. وقد سمع مجاهد من ابن عباس حديثا كثيرا، ولكن هذا الحديث بعينه رواه"عن طاوس عن ابن عباس".
و"يزيد بن أبي زياد الكوفي مولى بني هاشم": صدوق، في حفظه شيء بعد ما كبر، قال ابن سعد ٦: ٢٣٧"كان ثقة في نفسه، إلا أنه اختلط في آخر عمره، فجاء بالعجائب". وقال يعقوب بن سفيان: "ويزيد -وإن كانوا يتكلمون فيه لتغييره- فهو على العدالة والثقة، وإن لم يكن مثل الحكم ومنصور". وهو مترجم في التهذيب، والكبير ٤/٢/٣٣٤، وابن أبي حاتم ٤/٢/٢٦٥. فلعله وهم في حذف"طاوس" بين مجاهد وابن عباس.
والحديث في ذاته صحيح.
فرواه أحمد بنحوه مطولا: ٢٣٥٣، ٢٨٩٨، من طريق منصور بن المعتمر، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس.
وكذلك رواه البخاري ٤: ٤٠-٤٢، ومسلم ١: ٣٨٣، من طريق منصور.
ومنصور بن المعتمر: سبق توثيقه ١٧٧. وهو أثبت حفظا من مئة مثل يزيد بن أبي زياد. بل قال يحيى القطان: "ما أحد أثبت عن مجاهد وإبراهيم - من منصور". وقدمه الأئمة -في الحفظ- على الأعمش والحكم.
بل إن هذا الحديث نفسه: ذكر الحافظ في الفتح أنه رواه الأعمش عن مجاهد عن النبي صلى الله عليه وسلم - مرسلا، يعني بحذف طاوس وابن عباس، ثم قال: "ومنصور ثقة حافظ، فالحكم لوصله". أي أن هذه الزيادة زيادة ثقة، يجب قبولها والحكم لها بالترجيح.
وقوله في هذه الرواية: "ووضع هذين الأخشبين". هذه الزيادة لم أجدها في شيء من الروايات الأخر. و"الأخشبان"، بلفظ التثنية: هما جبلا مكة المطيفان بها. انظر النهاية لابن الأثير، ومعجم البلدان لياقوت.

<<  <  ج: ص:  >  >>