للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

به، يعني: آمنَّا بالله وبكتابه ورسوله.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد قوله (وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ) قالوا: آمنَّا بالله.

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ) عند ذلك، يعني: حين عاينوا عذاب الله.

حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ) بعد القتل، وقوله (وأنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ) يقول: ومن أي وجه لهم التناوش.

واختلفت قراء الأمصار في ذلك؛ فقرأته عامة قراء المدينة (التَّنَاوُشُ) بغير همز، بمعنى: التناول، وقرأته عامة قراء الكوفة والبصرة: (التَّنَاؤُشُ) بالهمز، بمعنى: التنؤُّش، وهو الإبطاء، يقال منه: تناءشت الشيء: أخذته من بعيد، ونشته: أخذته من قريب، ومن التنؤش قول الشاعر:

تَمَنَّى نَئِيشًا أنْ يَكونَ أطَاعَني ... وقدْ حَدَثَتْ بَعْدَ الأمُورِ أمُورُ (١)


(١) الأبيات لنهشل بن حري، أنشدها اللسان في (نأش) المهموز على أنه يقال: جاء نئيشًا: أي بطيئا. أنشد يعقوب لنهشل بن حري: وَمَوْلًى عَصَانِي وَاسْتَبَدَّ بِرَأْيِهِ ... كمَا لَمْ يُطَعْ فِيما أشارَ قَصِيرُ
فَلَمَّا رَأى ما غِبُّ أمرِي وَأمْرِهِ ... وَناءَتْ بأعْجازِ الأمُورِ صُدُورُ
تَمنَّى نَئِيشا أنْ يَكُونَ أطاعنِي ... وَيحدُثَ مِنْ بَعْدِ الأُمُورِ أمُور
قوله، تمنى نئيشا: أي في الأخير، وبعد الفوت أن لو أطاعني وقد حدثت أمور لا يستدرك بها ما فات. أي أطاعني في وقت لا تنفعه فيه الطاعة. قال: ويقال فعله نئيشا: أي أخيرا، واتبعه نئيشا: إذا تأخر عنه ثم اتبعه على عجلة، شفقة أن يفوته. والنئيش أيضا: البعيد عن ثعلب وقال الفراء في معاني القرآن (مصورة الجامعة، الورقة ٢٦٥) وقوله: (وأنى لهم التناوش) ؟ قرأ الأعمش وحمزة والكسائي بالهمز، يجعلونه من الشيء البطيء من نأشت من النأش. قال الشاعر: وجئت نئيشا بعدما فاتك الخير
وقال الآخر: تمنى شيئا ... إلخ البيت. وقد ترك همزها أهل الحجاز وغيرهم، جعلوها من نشته نوشا، وهو التناول، وهما متقاربان مثل ذمت الشيء وذأمته أي عبته.
وقال الشاعر: "فهي تنوش الحوض ... إلخ" وتناوش القوم في القتال: إذا تناول بعضهم بعضا ولم يتدانوا كل التداني. وقد يجوز همزها، وهي من نشت لانضمام الواو، يعني التناوش، مثل قوله: (وإذا الرسل أقتت) .

<<  <  ج: ص:  >  >>