ويقال للقوم في الحرب، إذا دنا بعضهم إلى الرماح ولم يتلاقوا: قد تناوش القوم.
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان في قراء الأمصار، متقاربتا المعنى، وذلك أن معنى ذلك: وقالوا آمنا بالله، في حين لا ينفعهم قيل ذلك، فقال الله (وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ) أي: وأين لهم التوبة والرجعة، أي: قد بعدت عنهم، فصاروا منها كموضع بعيد أن يتناولوها، وإنما
(١) هذان البيتان من الرجز المشطور لأبي النجم الراجز (اللسان: علا) . شاهد على أن قوله "من علا" أي من أعلى، أي من فوق. وفيه لغات أخر. وأورده (اللسان) أيضا في (نوش) ونسبه إلى غيلان بن حريث، لا إلى أَبي النجم. وجعله شاهدا على أن الناقة تنوش الحوض بفيها، أي تتناول ماءه قال: وقوله "من علا" أي من فوق، يريد أنها نوقه عالية الأجسام طوال الأعناق وذلك النوش الذي تناوله: هو الذي يعيننا على قطع الفلوات. والأجواز: جمع جوز، وهو الوسط. أي تتناول ماء الحوض من فوق، وتشرب شربا كثيرا. وتقطع بذلك الشرب فلوات، فلا تحتاج إلى ماء آخر. وأنشده أبو عبيدة في مجاز القرآن (الورقة ٢٠٠) ونسبه لغيلان، وجعله شاهدا على أن التناوش في الآية (وأنى لهم التناوش) يجعله من لم يهمز من نشت تنوش. هو التناول. قال غيلان: "فهي تنوش ... " البيتين. ومن همز جعله من نأشت إليه، وهو من بعد المطلب. وقال في (اللسان: نأش) التناؤش بالهمز: التأخر والتباعد. والتناوش: الأخذ من بعد، مهموز عن ثعلب، قال: فإن كان عن قرب فهو التناؤش. ا. هـ. قلت: وروايتا اللسان متفقتان مع رواية أبي عبيدة. وتختلف عنها رواية المؤلف في قوله "باتت" في موضع "فهي".