وصفت ذلك الموضع بالبعيد، لأنهم قالوا: ذلك في القيامة فقال الله: أنى لهم بالتوبة المقبولة، والتوبة المقبولة إنما كانت في الدنيا، وقد ذهبت الدنيا فصارت بعيدًا من الآخرة، فبأي القراءتين اللتين ذكرت قرأ القارىء فمصيب الصواب في ذلك.
وقد يجوز أن يكون الذين قرءوا ذلك بالهمز همزوا وهم يريدون معنى من لم يهمز، ولكنهم همزوه لانضمام الواو فقلبوها، كما قيل:(وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ) فجعلت الواو من وقتت إذا كانت مضمومة همزوه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أَبو كريب قال: ثنا ابن عطية قال: ثنا إسرائيل عن أَبي إسحاق عن التميمي قال: قلت لابن عباس: أرأيت قول الله (وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ) قال: يسألون الرد وليس بحين رد.
حدثنا ابن حميد قال: ثنا حكام عن عنبسة عن أَبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس نحوه.
حدثني علي، قال: ثنا أَبو صالح قال: ثني معاوية عن علي عن ابن عباس قوله (وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ) يقول: فكيف لهم بالرد.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أَبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أَبي نجيح، عن مجاهد (وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ) قال: الرد.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد (وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ) قال: التناوب (مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) .
حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله (وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ) قال: هؤلاء قتلى أهل