للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تسور الملكان عليه، وكان الخصمان إذا أتوه يأتونه من بان المحراب، ففزع منهم حين تسوروا المحراب، فقالوا: (لا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ) .. حتى بلغ (وَلا تُشْطِطْ) : أي لا تمل (وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ) : أي أعدله وخيره (إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً) وكان لداود تسع وتسعون امرأة (وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ) قال: وإنما كان للرجل امرأة واحدة (فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ) أي: ظلمني وقهرني، فقال: (لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَى نِعَاجِهِ) .. إلى قوله (وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَظَنَّ دَاوُدُ) فعلم داود أنما صمد له: أي عنى به ذلك (وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ) قال: وكان في حديث مطر، أنه سجد أربعين ليلة، حتى أوحى الله إليه: إني قد غمرت لك، قال: رب وكيف تغفر لي وأنت حكم عدل، لا تظلم أحدا؟ قال: إني أقضيك له، ثم أستوهبه دمك أو ذنبك، ثم أثيبه حتى يرضى، قال: الآن طابت نفسي، وعلمت أنك قد غفرت لي.

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: ثني محمد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبه اليماني، قال: لما اجتمعت بنو إسرائيل، على داود، أنزل الله عليه الزبور، وعلمه صنعة الحديد، فألانه له، وأمر الجبال والطير أن يسبِّحن معه إذا سبح، ولم يعط الله فيما يذكرون أحدا من خلقه مثل صوته، كان إذا قرأ الزبور فيما يذكرون، تدنو له الوحوش حتى يأخذ بأعناقها، وإنها لمصيخة تسمع لصوته، وما صنعت الشياطين المزامير والبرابط والصنوج، إلا على أصناف صوته، وكان شديد الاجتهاد دائب العبادة، فأقام في بني إسرائيل يحكم فيهم بأمر الله نبيا مستخلفا، وكان شديد الاجتهاد من الأنبياء، كثير البكاء، ثم عرض من فتنة تلك المرأة ما عرض له، وكان له محراب يتوحَّد فيه لتلاوة الزبور، ولصلاته إذا صلى، وكان أسفل منه جنينة لرجل من بني إسرائيل، كان عند ذلك الرجل المرأة التي أصاب داود فيها ما أصابه

حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن بعض أهل العلم، عن وهب بن منبه، أن داود حين دخل محرابه ذلك اليوم، قال: لا يدخلن عليّ محرابي اليوم أحد حتى الليل، ولا يشغلني شيء عما خلوت له حتى أمسي; ودخل محرابه، ونشر زبوره يقرؤه وفي المحراب كوّة تطلعه على تلك الجنينة، فبينا هو جالس يقرأ زبور، إذ أقبلت حمامة من ذهب حتى وقعت في الكوّة، فرفع رأسه فرآها، فأعجبته، ثم ذكر ما كان قال: لا يشغله شيء عما دخل له، فنكَّس رأسه وأقبل على زَبوره، فتصوبت

<<  <  ج: ص:  >  >>