للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول، لم تحسن معه"أن"، وإنما كان يقال: وقال إبراهيم لبنيه ويعقوب:"يا بني". فلما كانت الوصية قولا حملت على معناها دون لفظها، (١) فحذفت"أن" التي تحسن معها، كما قال تعالى ذكره: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ) [سورة النساء: ١١] ، وكما قال الشاعر:

إني سأبدي لك فيما أبدي ... لي شجنان شجن بنجد ... وشجن لي ببلاد السند (٢)

فحذفت"أن"، إذ كان الإبداء باللسان في المعنى قولا فحمله على معناه دون لفظه. (٣)

* * *

وقد قال بعض أهل العربية: إنما حذفت"أن" من قوله:"ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب"، اكتفاء بالنداء - يعني بالنداء قوله:"يا بني" وزعم أن علته في ذلك أن من شأن العرب الاكتفاء بالأدوات عن"أن"، كقولهم:"ناديت هل قمت؟ - وناديت أين زيد؟ ". قال: وربما أدخلوها مع الأدوات. فقالوا:"ناديت، أن هل قمت؟ ".

* * *


(١) في المطبوعة: "على معناها دون قولها"، وهو خطأ صوابه ما أثبت.
(٢) معاني القرآن للفراء ١: ٨٠، ١٨٠، ولسان العرب (شجن) . وقوله"شجن": هوى النفس، والحاجة. وهو مجاز من"الشجن" الذي هو الحزن والهم. وكنوا به عن المرأة المحبوبة التي تشغل القلب بالهم والحزن، من فراق أو دلال أو تجن، يقول مسلم بن الوليد الأنصاري: وسرب من الأشجان يطوى له الحشا ... على شرق، من يلقه يتبلد
يعني نساء، وقال أيضًا: أطال عمري، أم مد في أجلي، ... أم ليس في الظاعنين لي شجن?
أي امرأة أحبها، وهوى يحزنني فراقه وبعده؟
(٣) انظر تفصيل هذا في معاني القرآن للفراء ١: ٨٠-٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>