للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد قرأ جماعة من القرأة:"وأوصى بها إبراهيم"، بمعنى: عهد.

وأما من قرأ"ووصى" مشددة، فإنه يعني بذلك أنه عهد إليهم عهدا بعد عهد، وأوصى وصية بعد وصية.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ}

قال أبو جعفر: يعني تعالى ذكره بقوله:"إن الله اصطفى لكم الدين"، إن الله اختار لكم هذا الدين الذي عهد إليكم فيه، واجتباه لكم. (١)

* * *

وإنما أدخل"الألف واللام" في"الدين"، لأن الذين خوطبوا من ولدهما وبنيهما بذلك، كانوا قد عرفوه بوصيتهما إياهم به، وعهدهما إليهم فيه، ثم قالا لهم -بعد أن عرفاهموه-: إن الله اصطفى لكم هذا الدين الذي قد عهد إليكم فيه، فاتقوا الله أن تموتوا إلا وأنتم عليه.

* * *

القول في تأويل قوله تعالى: {فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٣٢) }

قال أبو جعفر: إن قال لنا قائل: أوَ إلَى بني آدمَ الموتُ والحياةُ، فينهى أحدُهم أن يموت إلا على حالة دون حالة؟

قيل له: إن معنى ذلك على غير الوجه الذي ظننتَ. وإنما معنى (٢) "فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون"، أي: فلا تفارقوا هذا الدين -وهو الإسلام- أيام حياتكم. وذلك أن أحدا لا يدري متى تأتيه منيتُه، فلذلك قالا لهم:"فلا تموتن إلا وأنتم


(١) انظر معنى"الاصطفاء" فيما سلف قريبا: ٩١.
(٢) في المطبوعة: "وإنما معناه"، والصواب ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>