يعني بالأعيس: جملا أبيض. فأما العين فإنها جمع عيناء، وهي العظيمة العينين من النساء.
وقوله (يَدْعُونَ فِيهَا) ... الآية، يقول: يدعو هؤلاء المتقون في الجنة بكلّ نوع من فواكه الجنة اشتهوه، آمنين فيها من انقطاع ذلك عنهم ونفاده وفنائه، ومن غائلة أذاه ومكروهه، يقول: ليست تلك الفاكهة هنالك كفاكهة الدنيا التي نأكلها، وهم يخافون مكروه عاقبتها، وغبّ أذاها مع نفادها من عندهم، وعدمها في بعض الأزمنة والأوقات.
وكان قتادة يوجه تأويل قوله:(آمِنِينَ) إلى ما حدثنا به بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة (يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ) أمنوا من الموت والأوصاب والشيطان.
وقوله:(لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلا الْمَوْتَةَ الأولَى) يقول تعالى ذكره: لا يذوق هؤلاء المتقون في الجنة الموت بعد الموتة الأولى التي ذاقوها في الدنيا.
وكان بعض أهل العربية يوجه"إلا" في هذا الموضع إلى أنها في معنى سوى، ويقول: معنى الكلام: لا يذوقون فيها الموت سوى الموتة الأولى، ويمثله بقوله تعالى ذكره:(وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلا مَا قَدْ سَلَفَ) بمعنى: سوى ما قد فعل آباؤكم، وليس للذي قال من ذلك عندي وجه مفهوم، لأن الأغلب من قول القائل: لا أذوق اليوم الطعام إلا الطعام الذي ذقته قبل اليوم أنه يريد الخبر عن قائله أن عنده طعاما في ذلك اليوم ذائقه وطاعمه دون سائر الأطعمة غيره.