للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العطف= من كلام العرب. وذلك أنه غيرُ موجودة"إلا" في شيء من كلامها بمعنى"الواو"، إلا مع استثناء سابق قد تقدمها. كقول القائل:"سار القوم إلا عمرًا إلا أخاك"، بمعنى: إلا عمرًا وأخاك، فتكون"إلا" حينئذ مؤدّية عما تؤدي عنه"الواو"، لتعلق"إلا" الثانية ب"إلا" الأولى. (١) ويجمع فيها أيضًا بين"إلا" و"الواو" فيقال:"سار القوم إلا عمرًا وإلا أخاك"، فتحذف إحداهما، فتنوب الأخرى عنها، فيقال: (٢) "سار القوم إلا عمرًا وأخاك - أو إلا عمرًا إلا أخاك"، لما وصفنا قبل.

وإذ كان ذلك كذلك، فغير جائز لمدَّعٍ من الناس أن يدَّعي أنّ"إلا" في هذا الموضع بمعنى"الواو" التي تأتي بمعنى العطف.

* * *

وواضحٌ فسادُ قول من زعم أن معنى ذلك: إلا الذين ظلموا منهم، فإنهم لا حجة لهم، فلا تخشوْهم. كقول القائل في الكلام: (٣) "الناس كلهم لك حامدون إلا الظالم [لك] المعتدي عليك"، فإن ذلك لا يعتدّ بعُداوَنه ولا بتركه الحمد، (٤) لموضع العداوة. وكذلك الظالم لا حجة له، وقد سُمي ظالمًا = (٥) لإجماع جميع أهل التأويل على تخطئة ما ادَّعى من التأويل في ذلك. وكفى شاهدًا على خطأ مقالته إجماعُهم على تخطئتها.

* * *

وظاهر بُطُول قول من زَعَم: (٦) أنّ"الذين ظلموا" هاهنا، ناسٌ من العرب


(١) في المخطوطة: "إلى الأول"، وكأنه غير صواب.
(٢) في المخطوطة: "ويجمع أيضًا فيها إلا والواو فيها فيقول: " ولم أستبن ما يقول، والذي في المطبوعة سياق صحيح.
(٣) في المطبوعة: "في كلامه"، والصواب من المخطوطة، ومعاني القرآن للفراء، فهو نص كلامه.
(٤) في المطبوعة، وفي معاني القرآن للفراء: "بعداوته"، والصواب ما في المخطوطة.
(٥) السياق: "وواضح فساد قول من زعم. . . لإجماع جميع أهل التأويل".
(٦) في المطبوعة: "بطلان" صحيحة المعنى، وفي المخطوطة: "دخول" تصحيف وتحريف لما أثبت. والبطول والبطلان مصدران من الباطل. وهما سواء في المعنى، وقد سلف أن استعملها الطبري مرارًا. انظر ما سلف ٢: ٤٢٦، تعليق: ١ / ٤٣٩ س: ١١/٤٧٩ س: ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>