للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذلك انصرافًا من الخطاب إلى الخبر عن الغائب، كما في قوله تعالى ذكره: (حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ) [سورة يونس: ٢٢]

* * *

قال أبو جعفر: وأشبه عندي بالصواب وأولى بتأويل الآية (١) أن تكون"الهاء والميم" في قوله:"لهم"، من ذكر"الناس"، وأن يكون ذلك رجوعًا من الخطاب إلى الخبر عن الغائب. لأن ذلك عَقيب قوله:"يا أيها الناس كلوا مما في الأرض". فلأنْ يكون خبرًا عنهم، أولى من أن يكون خبرًا عن الذين أخبرَ أنّ منهم"مَنْ يَتخذ من دُون الله أندادًا"، مع ما بينهما من الآيات، وانقطاع قَصَصهم بقصة مُستأنفة غيرها = وأنها نزلت في قوم من اليهود قالوا ذلك، (٢) إذ دعوا إلى الإسلام، كما:-

٢٤٤٦- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: دَعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهودَ من أهل الكتاب إلى الإسلام ورَغَّبهم فيه، وحذرهم عقاب الله ونقمته، فقال له رَافع بن خارجة، ومَالك بن عوف: بل نَتبع ما ألفينا عليه آباءنا، فإنهم كانوا أعلم وخيرًا منا! فأنزل الله في ذلك من قولهما (٣) "وإذا قيلَ لهُم اتبعوا ما أنزل اللهُ قالوا بَل نتِّبع ما ألفينا عَليه


(١) في المطبوعة: "وأشبه عندي وأولى بالآية"، وهو كلام مختل، ورددته إلى عبارة الطبري في تأويل أكثر الآيات السالفة.
(٢) في المطبوعة: "وإنما نزلت في قوم من اليهود"، وهو خطأ ناطق، واضطراب مفسد للكلام. والصواب ما أثبت. يقول أبو جعفر إن أولى الأقوال بالصواب أن تكون الآية نزلت في ذكر عرب الجاهلية الذين حرموا ما حرموا على أنفسهم، كما ذكر في تفسير الآيتين السالفتين (١٦٨، ١٦٩) ، ويستبعد أن يكون المعنى بها من ورد ذكرهم في الآية (١٦٥) ، كما يستبعد قول من قال إنها نزلت في اليهود، في الخبر الذي سيرويه بعد. فقوله: "وأنها نزلت" عطف على قوله"خبرًا" في قوله: "أولى من أن يكون خبرًا عن الذين أخبر أن منهم من يتخذ. . . ".
(٣) في المطبوعة: "فأنزل الله من قولهم ذلك". وهو خطأ محض، ورددتها إلى نصها في سيرة ابن هشام، كما سيأتي مرجعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>