للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئًا ولا يَهتدون". (١)

٢٤٤٧- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا يونس بن بكير قال، حدثنا محمد بن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت قال، حدثني سعيد بن جبير، أو عكرمة، عن ابن عباس مثله - إلا أنه قال: فقال له أبو رَافع بن خارجة، ومالك بن عوف. (٢)

* * *

وأما تأويل قوله:"اتبعوا ما أنزلَ الله فإنه: اعملوا بما أنزل الله في كتابه على رسوله، فأحِلُّوا حلاله، وحرِّموا حرامه، واجعلوه لكم إمامًا تأتمون به، وقائدًا تَتبعون أحكامه.

* * *

وقوله:"ألفينا عَليه آباءنا"، يعني وَجدنا، كما قال الشاعر: (٣)

فَأَلْفَيْتُهُ غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍ ... وَلا ذَاكِرِ اللهَ إلا قَلِيلا (٤)


(١) الأثر رقم: ٢٤٤٦- في سيرة ابن هشام ٢: ٢٠٠-٢٠١، مع اختلاف يسير في لفظه.
(٢) الأثر رقم: ٢٤٤٧- انظر الأثر: ٢٤٤٦.
(٣) هو أبو الأسود الدؤلي.
(٤) ديوانه: ٤٩ (نفائس المخطوطات) ، سيبوبه ١: ٨٥، والأغاني ١١: ١٠٧، وأمالي بن الشجرى ١: ٢٨٣ والصدقة والصديق: ١٥١، والخزانة ٤: ٥٥٤، وشرح شواهد المغني: ٣١٦، واللسان (عتب) . وهو من أبيات قالها في امرأة كان يجلس إليها بالبصرة، وكانت برزة جميلة، فقالت له يومًا: يا أبا الأسود، هل لك أن أتزوجك؟ فإني امرأة صناع الكف، حسنة التدبير، قانعة بالميسور. قال: نعم. فجمعت أهلها وتزوجته. ثم إنه وجدها على خلاف ما قالت، فأسرعت في ماله، ومدت يدها في خيانته، وأفشت عليه سره، فغدا على من كان حضر تزويجه، فسألهم أن يجتمعوا عنده، ففعلوا. فقال لهم: أَرَيْتَ امْرءًا كنتُ لَمْ أَبْلُهُ ... أتَانِي، فَقَالَ: اتّخِذْنِي خليلاَ
فخالَلْتَهُ، ثُمَّ صَافيْتُه ... فَلَمْ أَسْتَفِدْ مِنْ لَدُنْهُ فتيلاَ
وَأَلفَيْتُهُ حِينَ جَرَّبْتُه ... كَذُوبَ الحَدِيثِ سَرُوقًا بَخِيلاَ
فَذَكَّرْتُه، ثُمَّ عَاتبتُهُ ... عِتَابًا رَفِيقًا وَقَوْلاً جَمِيلاَ
فَأَلْفَيْتُهُ غَيْرَ مُسْتَعْتِبٍ ... وَلاَ ذَاكِرِ اللهَ إلاَّ قَلِيلاَ
أَلسْتُ حَقِيقًا بِتَوْدِيعِهِ ... وَإتْبَاع ذلِكَ صَرْمًا طَوِيلاَ?!
قالوا: بلى والله يا أبا الأسود! قال: تلك صاحبتكم، وقد طلقتها، وأنا أحب أن أستر ما أنكرت من أمرها. ثم صرفها معهم.
قال ابن الشجرى: "والذي حسن لقائل هذا البيت حذف التنوين لالتقاء الساكنين، ونصب اسم الله تعالى، واختيار ذلك على حذف التنوين للإضافة وجر اسم الله - أنه لو أضاف لتعرف بإضافته إلى المعرفة، ولو فعل ذلك لم يوافق المعطوف المعطوف عليه في التنكير، فحذف التنوين لالتقاء الساكنين، وأعمل اسم الفاعل".
واستعجب الرجل: رجع عن الإساءة وطلب الرضا، فهو مستعتب.

<<  <  ج: ص:  >  >>