للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قال قائل: وهل من حقٍّ يجب في مال إيتاؤه فرضًا غير الزكاة؟

قيل: قد اختلف أهل التأويل في ذلك:

فقال بعضهم: فيه حقوقٌ تجبُ سوى الزكاة = واعتلُّوا لقولهم ذلك بهذه الآية، وقالوا: لما قال الله تبارك وتعالى:"وآتَى المالَ على حُبه ذَوي القربى"، ومن سمى الله معهم، ثم قال بعد:"وأقامَ الصلاةَ وآتى الزكاة"، علمنا أن المالَ - الذي وَصَف المؤمنين به أنهم يُؤتونه ذَوي القربى، ومن سمَّى معهم - غيرُ الزكاة التي ذكر أنهم يؤتونها. لأن ذلك لو كان مالا واحدًا لم يكن لتكريره معنى مفهوم. قالوا: فلما كان غيرَ جائز أن يقول تعالى ذكره قولا لا معنى له، علمنا أنّ حكم المال الأول غيرُ الزكاة، وأن الزكاة التي ذكرها بعد غيره. قالوا: وبعد، فقد أبان تأويل أهل التأويل صحة ما قلنا في ذلك.

وقال آخرون: بل المال الأول هو الزكاة، ولكن الله وصَف إيتاء المؤمنين مَنْ آتوه ذلك، في أول الآية. فعرَّف عباده -بوصفه ما وصف من أمرهم- المواضعَ التي يجب عليهم أن يضَعوا فيها زكواتهم، ثم دلّهم بقوله بعد ذلك:"وآتى الزكاة"، أن المال الذي آتاه القومُ هو الزكاة المفروضةُ =كانت= عليهم، إذ كان أهلُ سُهمانها هم الذين أخبرَ في أول الآية أن القوم آتوهم أموالهم.

* * *

وأما قوله:"والموفون بَعهدهم إذا عاهدوا"، فإن يعني تعالى ذكره: والذين لا ينقضون عَهد الله بعد المعاهدة، ولكن يوفُون به ويتمُّونه على ما عاهدوا عليه من عاهدوه عليه. كما:-

٢٥٣٨- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس في قوله:"والموفون بعهدهم إذا عاهدوا" قال، فمن أعطى عهدَ الله ثم نقضه، فالله ينتقم منه. ومن أعطى ذمة النبي صلى الله عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>