للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من معنى أمره عبادَه، أغنتْ دلالةُ ما ظُهِر عليه من القول عن إبداء ما حُذف.

وقد روينا الخبرَ الذي قدمنا ذكره مبتَدأ في تأويل قول الله: (١) (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) ، عن ابن عباس، وأنه كان يقول: إن جبريل قال لمحمد: قل يا محمد: "الحمد لله رب العالمين"، وبيّنا أن جبريل إنما علّم محمدًا ما أُمِر بتعليمه إياه (٢) . وهذا الخبر يُنبئ عن صحة ما قلنا في تأويل ذلك.

* * *

القول في تأويل قوله: {رَبِّ} .

قال أبو جعفر: قد مضى البيان عن تأويل اسم الله الذي هو "الله"، في "بسم الله"، فلا حاجة بنا إلى تكراره في هذا الموضع.

وأما تأويل قوله (رَبِّ) ، فإن الرّب في كلام العرب منصرفٌ على معان: فالسيد المطاع فيها يدعَى ربًّا، ومن ذلك قول لَبِيد بن ربيعة:

وأَهْلكْنَ يومًا ربَّ كِنْدَة وابنَه ... ورَبَّ مَعدٍّ، بين خَبْتٍ وعَرْعَرِ (٣)

يعني بربِّ كندة: سيِّد كندة. ومنه قول نابغة بني ذُبيان:

تَخُبُّ إلى النُّعْمَانِ حَتَّى تَنالَهُ ... فِدًى لكَ من رَبٍّ طَرِيفِي وَتَالِدِي (٤)

والرجل المصلح للشيء يُدعى ربًّا، ومنه قول الفرزدق بن غالب:


(١) في المطبوعة: "في تنزيل قول الله".
(٢) انظر ما مضى آنفًا لحديث رقم: ١٥١.
(٣) ديوانه القصيدة: ١٥ / ٣٢. وسيد كندة هو حجر أبو امرئ القيس. ورب معد: حذيفة بن بدر، كما يقول شارح ديوانه، وأنا في شك منه، فإن حذيفة بن بدر قتل بالهباءة. ولبيد يذكر خبتًا وعرعرًا، وهما موضعان غيره.
(٤) ديوانه: ٨٩، والمخصص ٧: ١٥٤. الطريف والطارف: المال المستحدث، خلاف التليد والتالد: وهو العتيق الذي ولد عندك.

<<  <  ج: ص:  >  >>