للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصفنا صفتهم. فأما الحامل والمرضع، فإنما علمنا أنهنّ غير معنيات بقوله: (وعلى الذين يطيقونه) وخلا الرجال أن يكونوا معنيين به، (١) لأنهن لو كن معنيات بذلك دون غيرهن من الرجال، لقيل: وعلى اللواتي يُطقنه فدية طعامُ مسكين، لأن ذلك كلام العرب، إذا أفرد الكلامُ بالخبر عنهنّ دُون الرجال. فلما قيل:"وعلى الذين يُطيقونه"، كان معلومًا أنّ المعنيَّ به الرجالُ دون النساء، أو الرجالُ والنساء. فلما صحّ بإجماع الجميع - على أنّ من أطاق من الرجال المقيمين الأصحاء صومُ شهر رمضان، فغيرُ مرخص له في الإفطار والافتداء، فخرج الرجال من أن يكونوا معنيين بالآية، وعُلم أن النساء لم يُردن بها لما وصفنا: من أن الخبر عن النساء إذا انفرد الكلامُ بالخبر عنهن:"وعلى اللواتي يطقنه"، والتنزيل بغير ذلك.

وأما الخبر الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم، فإنه إن كان صحيحًا، فإنما معناه: أنه وضَع عن الحامل والمرضع الصومَ ما دامتا عاجزتين عنه، حتى تُطيقا فتقضيا، كما وُضع عن المسافر في سفره، حتى يقيم فيقضيه - لا أنهما أُمِرتا بالفدية والإفطار بغير وجوب قضاء، ولو كان في قول النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الله وضع عن المسافر والمرضع والحامل الصوم"، دلالةٌ على أنه صلى الله عليه وسلم إنما عنى أن الله تعالى ذكره وضع عنهم بقوله:"وعلى الذين يُطيقونه


(١) "خلا الرجال" أي خرجوا من قولهم: "أنا منك خلاء، وخلي"، أي بريء منك. ويقال: "هو خلو من هذا الأمر" أي خارج، أو خال منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>