فدية طعامُ مسكين"، لوجب أن لا يكون على المسافر إذا أفطر في سفره قضاء، وأن لا يلزمه بإفطاره ذلك إلا الفدية، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع بين حُكمه وبين حكم الحامل والمرضع. وذلك قولٌ، إن قاله قائلٌ، خلافٌ لظاهر كتاب الله، ولما أجمع عليه جميع أهل الإسلام.
* * *
وقد زعم بعض أهل العربية من أهل البصرة أنّ معنى قوله:"وعلى الذين يطيقونه"، وعلى الذين يطيقون الطعام. وذلك لتأويل أهل العلم مخالفٌ.
* * *
وأما قراءة من قرأ ذلك:"وعلى الذين يُطوَّقونه" فقراءة لمصاحف أهل الإسلام خلافٌ، وغير جائز لأحد من أهل الإسلام الاعتراض بالرأي على ما نقله المسلمون وِرَاثة عن نبيهم صلى الله عليه وسلم نقلا ظاهرًا قاطعًا للعذر. لأن ما جاءت به الحجة من الدين، هو الحق الذي لا شك فيه أنه من عند الله. ولا يُعترض على ما قد ثَبت وقامت به حُجة أنه من عند الله، بالآراء والظنون والأقوال الشاذة.
* * *
وأما معنى"الفدية" فإنه: الجزاء، من قولك:"فديت هذا بهذا"، أي جزيته به، وأعطيته بدلا منه.
* * *
ومعنى الكلام: وعلى الذين يُطيقون الصيام جزاءُ طعام مسكين، لكلّ يوم أفطرَه من أيام صيامه الذي كتب عليه.
* * *
وأما قوله:"فدية طعامُ مسكين"، فإنّ القرأة مختلفةٌ في قراءته. فبعضٌ يقرأ بإضافة"الفدية" إلى"الطعام"، وخفض"الطعام" - وذلك قراءة عُظْم قراء أهل المدينة (١) - بمعنى: وعلى الذين يطيقونه أن يفدوه طعامَ مسكين.
(١) في المطبوعة: "معظم قراء"، وصواب لفظ الطبري ما أثبت، كما مضى مرارًا، وكما سيأتي بعد قليل على الصواب. ومعنى الحرفين سواء، على كل حال.