فلما جعل مكان"أن يفديه""الفدية" أضيف إلى"الطعام"، كما يقال"لزمني غَرامةُ درهم لك"، بمعنى: لزمني أن أغرَم لك درهمًا.
وآخرون يقرأونه بتنوين"الفدية"، ورفع"الطعام"، بمعنى الإبانة في"الطعام" عن معنى"الفدية" الواجبة على من أفطر في صومه الواجب، كما يقال:"لزمني غرامةٌ، درهمٌ لك"، فتبين"بالدرهم" عن معنى"الغرامة" ما هي؟ وما حدُّها؟ وذلك قراءةُ عُظْم قُراء أهل العراق.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين بين الصواب قراءة من قرأ"فديةُ طعام" بإضافة"الفدية" إلى"الطعام"، لأن"الفدية" اسم للفعل، وهي غير"الطعام" المفديّ به الصوم.
وذلك أن"الفِدْية" مصدر من قول القائل:"فَديت صَوم هذا اليوم بطعام مسكين أفديه فدية"، كما يقال:"جلست جِلْسة، ومَشيتُ مِشْية"."والفدية" فعل، و"الطعام" غيرها. فإذْ كان ذلك كذلك، فبيِّنٌ أن أصَحّ القراءتين إضافة"الفدية" إلى"الطعام"، (١) وواضحٌ خطأ قول من قال: إن ترك إضافة"الفدية" إلى الطعام، أصح في المعنى، من أجل أن"الطعام" عنده هو"الفدية". فيقال لقائل ذلك: قد علمنا أن"الفدية" مقتضية مفديًّا، ومفديًّا به، وفدية. فإن كان"الطعام" هو"الفدية""والصوم" هو المفديّ به، فأين اسم فعل المفتدي الذي هو"فدية" إنّ هذا القول خطأ بين غير مشكل.
* * *
وأما"الطعام" فإنه مضاف إلى"المسكين". والقرأة في قراءة ذلك مختلفون.
فقرأه بعضهم بتوحيد"المسكين"، بمعنى: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام
(١) في المطبوعة: "فتبين أن أصح القراءتين. . "، ومثل هذا التحريف كثير فيما مضى، والصواب ما أثبت، وقوله بعد: "وواضح خطأ قول القائل. . "، معطوف عليه. فهذا هو صواب السياق.