للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قالوا: ذلك كذلك! أوجبوا الصومَ إلى مغيب الشفق الذي هوَ بياضٌ. وذلك قولٌ إنْ قالوه مدفوعٌ بنقل الحجة التي لا يجوز فيما نقلته مُجمعةً عليه -الخطأُ والسهوُ، [وكفى بذلك شاهدا] على تخطئته (١) .

وإن قالوا:"بل أول الليل" ابتداء سُدْفته وظلامه ومَغيبُ عَين الشمس عنا.

قيل لهم: وكذلك"أول النهار": طلوع أوّل ضياء الشمس ومغيب أوَائل سُدفة الليل.

ثم يعكس عليه القول في ذلك، (٢) ويُسأل الفرقَ بين ذلك، فلن يقول في أحدهما قولا إلا ألزم في الآخر مثله.

* * *

وأما"الفجر" فإنه مصدر من قول القائل:"تفجَّر الماءُ يتفجَّرُ فجرًا"، (٣) إذا انبعثَ وجرى، فقيل للطالع من تباشير ضياء الشمس من مطلع الشمس"فجر"، لانبعاث ضوئه عليهم، وتورُّده عليهم بطرُقهم ومحاجِّهم، تفجُّرَ الماء المتفجِّر من منبعه.

* * *

وأما قوله:"ثم أتموا الصيام إلى الليل" فإنه تعالى ذكره حَدَّ الصوم بأن آخرَ وقته إقبالُ الليل - كما حدَّ الإفطارَ وإباحةَ الأكل والشرب والجماع وأوَّل الصوم بمجيء أول النهار وأوَّل إدبار آخر الليل، فدلّ بذلك على أن لا صومَ بالليل، كما لا فطر بالنهار في أيام الصوم = وعلى أنّ المواصل مجوِّعٌ نفسه في غير طاعة ربه. كما: -


(١) ما بين القوسين زيادة لا بد منها لسياق الجملة.
(٢) عاد مرة أخرى فأفرد القائل بعد جمع القائلين. ولولا الضمائر الكثيرة التي تمنع ظن التحريف أو التصحيف في جمل متتابعة. لغيرتها. ولعل أبا جعفر كان يسهو أحيانا عن مثل ذلك. لجوازه في العربية.
(٣) هكذا جاء في المطبوعة، ولم أملك أن أغيره، لأن كلامه دال على أنه يجعله مصدرا، لقولهم: "تفجر" بالتاء وتشديد الجيم. وكأنه يحمله على أنه من المصادر التي جاءت على غير بناء أفعالها. كما مضى ذلك آنفًا في ١: ١١٦-١١٨. وانظر تفسير"التفجر" فيما سلف ٢: ٢٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>