وخفضُ"القتال" على معنى تكرير"عن" عليه، وكذلك كانت قراءةُ عبد الله بن مسعود فيما ذكر لنا. وقد:-
٤٠٨٠ - حدثت عن عمار بن الحسن، قال: حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله:" يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه"، قال: يقول: يسألونك عن قتال فيه، قال: وكذلك كان يقرؤها:"عن قتال فيه".
* * *
= قال أبو جعفر:"قل" يا محمد:"قتالٌ فيه"- يعني في الشهر الحرام"كبيرٌ"، أي عظيمٌ عند الله استحلاله وسفك الدماء فيه.
ومعنى قوله:" قتال فيه"، قل القتال فيه كبير. وإنما قال:"قل قتالٌ فيه كبيرٌ"، لأن العرب كانت لا تقرعُ فيه الأسنَّة، فيلقى الرجل قاتل أبيه أو أخيه فيه فلا يَهيجه تعظيما له، وتسميه مضر"الأصمَّ"(١) لسكون أصوات السلاح وقعقعته فيه. وقد:-
٤٠٨١ - حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم المصري، قال: حدثنا شعيب بن الليث، قال: حدثنا الليث، قال: حدثنا الزبير، عن جابر قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو في الشهر الحرام إلا أن يُغْزَى، أو يَغزو حتى إذا حضر ذلك أقامَ حتىّ ينسلخ.
* * *
وقوله جل ثناؤه:" وصَدٌّ عن سبيل الله". ومعنى"الصدّ" عن الشيء، المنع منه، والدفع عنه، ومنه قيل:" صدّ فلان بوجهه عن فلان"، إذا أعرض عنه فمنعه من النظر إليه.
* * *
وقوله:" وكفرٌ به"، يعني: وكفر بالله، و"الباء" في"به" عائدة على اسم الله الذي في"سبيل الله". وتأويل الكلام: وصدٌّ عن سبيل الله، وكفر به، وعن المسجد الحرام، وإخراج أهل المسجد الحرام- وهم أهله وولاته- أكبرُ عند الله من القتال في الشهر الحرام.