للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فـ "الصدُّ عن سييل الله" مرفوع بقوله:" أكبر عند الله". وقوله:" وإخراج أهله منه" عطف على"الصد". ثم ابتدأ الخبر عن الفتنة فقال:" والفتنة أكبر من القتل"، يعني: الشرك أعظم وأكبرُ من القتل، (١) يعني: مِنْ قَتل ابن الحضرميّ الذي استنكرتم قتله في الشهر الحرام.

* * *

قال أبو جعفر: وقد كان بعض أهل العربية يزعم أن قوله:" والمسجد الحرام" معطوف على"القتال" وأن معناه: يسألونك عن الشهر الحرام، عن قتال فيه، وعن المسجد الحرام، فقال الله جل ثناؤه:" وإخراجُ أهله منه أكبر عند الله" من القتال في الشهر الحرام. (٢)

وهذا القول، مع خروجه من أقوال أهل العلم، قولٌ لا وجهَ له. لأن القوم لم يكونوا في شك من عظيم ما أتى المشركون إلى المسلمين في إخراجهم إياهم من منازلهم بمكة، فيحتاجوا إلى أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إخراج المشركين إياهم من منازلهم، وهل ذلك كان لهم؟ بل لم يدَّع ذلك عليهم أحدٌ من المسلمين، ولا أنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك.

وإذ كان ذلك كذلك، فلم يكن القوم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عَمَّا ارتابوا بحكمه (٣) كارتيابهم في أمر قتل ابن الحضرمي، إذ ادَّعوا أن قاتله من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قتله في الشهر الحرام، فسألوا عن أمره، لارتيابهم في حكمه. فأما إخراجُ المشركين أهلَ الإسلام من المسجد الحرام، فلم يكن فيهم أحدٌ شاكًّا أنه كان ظلمًا منهم لهم فيسألوا عنه.

ولا خلاف بين أهل التأويل جميعًا أن هذه الآية نزلت


(١) انظر معنى"الفتنة" فيما سلف ٣: ٥٦٥، ٥٦٦ ثم ٥٧٠ن ٥٧١ وفهرس اللغة في الأجزاء السالفة.
(٢) هذه مقالة الفراء في معاني القرآن ١: ١٤١.
(٣) في المطبوعة: "وإذا كان ذلك كذلك، ولم يكن القوم سألوا رسول الله. . . " والصواب ما أثبت، وإلا اختل الكلام اختلالا شديدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>