للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(١) فإن ظن ذو غباء أن الله تعالى ذكره إذ وصف أن من خلقه من حملته أمه ووضعته وفصلته في ثلاثين شهرا، فواجب أن يكون جميع خلقه ذلك صفتهم= وأن ذلك دلالة على أن حمل كل عباده وفصاله ثلاثون شهرا= (٢) فقد يجب أن يكون كل عباده صفتهم أن يقولوا إذا بلغوا أشدهم وبلغوا أربعين سنة: (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ) [سورة الأحقاف: ١٥] ، على ما وصف الله به الذي وصف في هذه الآية. (٣)

وفي وجودنا من يستحكم كفره بالله، (٤) وكفرانه نعم ربه عليه، وجرأته على والديه بالقتل والشتم وضروب المكاره، عند استكماله الأربعين من سنيه وبلوغه أشده= (٥) ما يعلم أنه لم يعن الله بهذه الآية صفة جميع عباده، بل يعلم أنه إنما وصف بها بعضا منهم دون بعض، وذلك ما لا ينكره ولا يدفعه أحد. لأن من يولد من الناس لسبعة أشهر، (٦) أكثر ممن يولد لأربع سنين ولسنتين؛ كما أن من يولد لتسعة أشهر، أكثر ممن يولد لستة أشهر ولسبعة أشهر.

* * *

قال أبو جعفر: واختلفت القرأة في قراءة ذلك، فقرأ عامة أهل المدينة


(١) أول التقسيم القديم، ونص ما قبله:
"بسم الله الرحمن الرحيم
رب أعن يا كريم"
(٢) قوله: "فقد يجب" جواب قوله: "فإن ظن ذو غباء. . . ".
(٣) يعني أن آية سورة الأحقاف معنى بها خاص من الناس دون عام، كما يدل على ذلك ظاهر تلاوتها.
(٤) وجد الشيء يجده وجودا. وقوله: "من يستحكم" مفعول به للمصدر.
(٥) السياق: "في وجودنا من يستحكم كفره بالله. . . ما يعلم. . . "، مبتدأ مؤخر.
(٦) في المطبوعة والمخطوطة: "لتسعة أشهر"، والصواب، أثبت كما يدل عليه سياق الحجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>