الدنيا قرضا، وسألكموها قرضا، فإن أعطيتموها طيبة بها أنفسكم، ضاعف لكم ما بين الحسنة إلى العشر إلى السبعمئة، إلى أكثر من ذلك. وإن أخذها منكم وأنتم كارهون، فصبرتم وأحسنتم، كانت لكم الصلاة والرحمة، وأوجب لكم الهدى. (١)
* * *
قال أبو جعفر: وقد اختلفت القرأة في قراءة قوله: (فيضاعفه) بالألف ورفعه، بمعنى: الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له= نسق"يضاعف" على قوله:"يقرض".
* * *
وقرأه آخرون بذلك المعنى:(فيضعفه) ، غير أنهم قرءوا بتشديد"العين" وإسقاط"الألف".
* * *
وقرأه آخرون:(فيضاعفه له) بإثبات"الألف" في"يضاعف" ونصبه، بمعنى الاستفهام. فكأنهم تأولوا الكلام: من المقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له؟ فجعلوا قوله:"فيضاعفه" جوابا للاستفهام، وجعلوا:"من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا" اسما. لأن"الذي" وصلته، بمنزلة"عمرو" و"زيد". فكأنهم وجهوا تأويل الكلام إلى قول القائل:"من أخوك فتكرمه"، لأن الأفصح في جواب الاستفهام بالفاء= إذا لم يكن قبله ما يعطف به عليه من فعل مستقبل= نصبه.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه القراءات عندنا بالصواب، قراءة من قرأ:(فيضاعفه له) بإثبات"الألف". ورفع"يضاعف". لأن في قوله:"من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا" معنى الجزاء. والجزاء إذا دخل في جوابه"الفاء"، لم يكن جوابه
(١) يريد قول الله تعالى في [سورة البقرة: ١٥٦، ١٥٧] {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}