للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الغلام فزعا إلى الشيخ، فقال: يا أبتاه، دعوتني؟ فكره الشيخ أن يقول:"لا" فيفزع الغلام، فقال: يا بني ارجع فنم! فرجع فنام. ثم دعاه الثانية، فأتاه الغلام أيضا فقال: دعوتني؟ فقال: ارجع فنم، فإن دعوتك الثالثة فلا تجبني! فلما كانت الثالثة، ظهر له جبريل فقال: اذهب إلى قومك فبلغهم رسالة ربك، فإن الله قد بعثك فيهم نبيا. فلما أتاهم كذبوه وقالوا: استعجلت بالنبوة ولم تئن لك! (١) وقالوا: إن كنت صادقا فابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله، آية من نبوتك! فقال لهم شمعون: عسى إن كتب عليكم القتال أن لا تقاتلوا. (٢)

* * *

قال أبو جعفر: وغير جائز في قول الله تعالى ذكره:"نقاتل في سبيل الله" إذا قرئ"بالنون" غير الجزم، على معنى المجازاة وشرط الأمر. فإن ظن ظان أن الرفع فيه جائز وقد قرئ بالنون، بمعنى: الذي نقاتل به في سبيل الله، (٣) فإن ذلك غير جائز. لأن العرب لا تضمر حرفين. (٤) ولكن لو كان قرئ ذلك"بالياء" لجاز رفعه، لأنه يكون لو قرئ كذلك صلة ل"الملك"، فيصير تأويل الكلام حينئذ: ابعث لنا الذي يقاتل في سبيل الله، كما قال تعالى ذكره: (وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ) [سورة البقرة: ١٢٩] ، لأن قوله" يتلو" من صلة الرسول. (٥)

* * *


(١) في المطبوعة"ولم تنل لك" وهو تصحيف. وفي تاريخ الطبري: "ولم تبالك"، من المبالاة، وهي ليست بشيء. وفي الدر المنثور: "ولم يأن لك"، وفي المخطوطة: "ولم تنل لك" وظاهر أنها"تئن". من"آن يئين أينا": أي حان. مثل"أني لك يأني"، بمعناه، أي لم تبلغ بعد أوان أن تكون نبيا.
(٢) الأثر: ٥٦٣٥- في تاريخ الطبري ١: ٢٤٢، والدر المنثور ١: ٣١٥، وفي المطبوعة ختم الأثر بقوله: "والله أعلم"، وهي زيادة من ناسخ لا معنى لها هنا، وليست في المخطوطة.
(٣) في المخطوطة والمطبوعة: " الذي نقاتل" بحذف"به"، وهو خطأ يدل عليه السياق، وما جاء في معاني القرآن للفراء ١: ١٥٧.
(٤) يعني"الذي" و"به".
(٥) انظر معاني القرآن للفراء ١: ١٥٧- ١٦٢، فهو قد استوعب القول في هذه القراءة، وفي هذا الباب من العربية. و"الصلة": التابع، كالنعت والحال، ويعني به نعت النكرة، هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>