(٢) هذا نص مقالة الفراء في معاني القرآن ١: ١٧٥، وقد استوفى الباب هناك. وانظر ما سلف في جواب"لو" بالماضي من الفعل ٢: ٤٥٨ /٣: ١٨٤، ١٨٥، والتعليق هناك. (٣) تاريخ الطبري ٦: ١٧٨، والأغاني ١٧: ١٧٨: وسيأتي في التفسير ١٥: ٥٣ مصحفًا أيضًا: "من فسق العراق المبذر". والبيت في المطبوعة والمخطوطة هنا: "من سوء العراق المنذر"، وهو كلام بلا معنى، ولكنى رأيت شارحًا شرحه على ذلك، فأشهد الله كاد يقتلني من فرط الضحك! وهو من أبيات ثلاثة قالها ابن مفرغ في خبره مع بن زياد، حين هجاه، وهجا معاوية بن أبي سفيان (وانظر ما سلف ٤: ٢٩٣ وتعليق: ٢) وفارق عبادًا مقبلًا إلى البصرة، فطاف بأشرافها من قريش يسجير بهم، فما كان منهم إلا الوعد، ثم أتي المنذر بن الجارود (من عبد القيس) فأجاره وأدخله داره، ووشى الوشاة به إلى عبيد الله بن زيادة أنه دار المنذر. وكان المنذر في مجلس عبيد الله، فلم يشعر إلى بابن مفرغ قد أقيم على رأسه، فقام المنذر فقال: أيها الأمير، قد أجرته! فقال: يا منذر، واله يمدحنك وأباك ويهجوني أنا وأبي، ثم تجيره على! فأمر به فسقى دواء وحمل على حمار يطاف به وهو يسلح في ثيابه من جراء الدواء، فقال عندئذ لعبيد الله بن زياد: يَغْسِلُ المَاءُ مَا صَنَعْتَ وَقَولِي ... راَسِخٌ مِنْكَ فِي العِظَامِ البَوالِى ثم هجا المنذر بن الجارود فقال: تَرَكْتُ قُرَيْشًا أَنْ أُجَاوِرَ فِيهمُ ... وَجَاورْتُ عبدَ القَيْس أَهْلَ المُشَقَّرِ أُناسٌ أَجَارُونَا فَكَانَ جِوَارُهُمْ ... أَعَاصِيرَ مِنْ فَسْوِ العِرَاقِ المبَذَّرِ فَأَصْبَحَ جَارِي مِنْ جَذِيمةَ نَائمًا ... ولا يمنَعُ الجِيرَانَ غَيْرُ المُشَمِّرِ وقوله: "من فسو العراق"، وذلك أن عبد القيس ونبي حنيفة وغيرهم من أهل البحرين وما جاورها، كانوا يعيرون بالفسو، لأن بلادهم بلاد نخل فيأكلونه، ويحدث في أجوافهم الرياح والقراقير. والمبذر: من التبذير، وهو الإسراف في المال وتشتيه وتفريقه. وهذه صفة قد انتزعها ابن مفرغ أحسن انتزاع في هذا الموضع، فجعلت سخرتته بالمنذر بن الجارود، ألذع ما تكون، مع روعة قوله: "أعاصير"!! قد جاء الأخطل بعد ذلك فهجا ابنه أيضًا مالك بن المنذر بن الجارود، فقال له: وَعَبْدُ القَيْسِ مُصْفَرٌ لِحَاهَا ... كَأَنَّ فُسَاءَهَا قِطَعُ الضَّبَابِ!! فبلغ منه ما بلغ!! ، وانظر طبقات فحول الشعراء: ٢٩٨، ٢٩٩، والتعليق هناك.