للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) [سورة البقرة: ٢٧٨-٢٧٩] الآية، ما ينبئ عن صحة ما قلنا في ذلك، وأنّ التحريم من الله في ذلك كان لكل معاني الرّبا، وأنّ سواءً العملُ به وأكلُه وأخذُه وإعطاؤُه، (١) كالذي تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله:

٦٢٤٩-"لعن الله آكلَ الرّبا، وُمؤْكِلَه، وكاتبَه، وشاهدَيْه إذا علموا به". (٢)

* * *

القول في تأويل قوله: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا}

قال أبو جعفر: يعني بـ"ذلك" جل ثناؤه: ذلك الذي وصفهم به من قيامهم يوم القيامة من قبورهم، كقيام الذي يتخبطه الشيطان من المسّ من الجنون، فقال تعالى ذكره: هذا الذي ذكرنا أنه يصيبهم يوم القيامة من قُبْح حالهم، ووَحشة قيامهم من قبورهم، وسوء ما حلّ بهم، من أجل أنهم كانوا في الدنيا يكذبون ويفترون ويقولون:"إنما البيع" الذي أحله الله لعباده ="مثلُ الرّبا". وذلك أن الذين كانوا يأكلون من الرّبا من أهل الجاهلية، كان إذا حلّ مالُ أحدهم


(١) ولكن أهل الفتنة في زماننا، يحاولون أن يهونوا على الناس أمر الربا، وقد عظمه الله وقبحه، وآذن العامل به بحرب من الله ورسوله، في الدنيا والآخرة، ومن أضل ممن يهون على الناس حرب ربه يوم يقوم الناس لرب العالمين. فاللهم اهدنا ولا تفتنا كما فتنت رجالا قبلنا، وثبتنا على دينك الحق، وأعذنا من شر أنفسنا في هذه الأيام التي بقيت لنا، وهي الفانية وإن طالت، وصدق رسول الله بأبي هو وأمي إذ قال: "يأتي على الناس زمان يأكلون فيه الربا. قيل له: الناس كلهم؟! قال: من لم يأكله ناله من غباره". (سنن البيهقي ٥: ٢٧٥) ، فاللهم انفض عنا وعن قومنا غبار هذا العذاب الموبق.
(٢) الأثر: ٦٢٤٩- رواه الطبري بغير إسناد مختصرًا، وقد استوفى تخريجه ابن كثير في تفسيره ١: ٥٥٠-٥٥١ وساق طرقه مطولا. والسيوطي في الدر المنثور ١: ٣٦٧، من حديث عبد الله بن مسعود ونسبه لأحمد، وأبي يعلى، وابن خزيمة، وابن حبان. وانظر سنن البيهقي ٥: ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>