للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه والله".

وإنما يكون الناسخ ما لم يجز اجتماع حكمه وحكم المنسوخ في حال واحدة، على السبيل التي قد بيناها. (١) فأما ما كان أحدهما غير ناف حكم الآخر، فليس من الناسخ والمنسوخ في شيء.

ولو وجب أن يكون قوله: (وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ) ناسخا قوله:"إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله" - لوجب أن يكون قوله: (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) [سورة المائدة: ٦] ناسخا الوضوء بالماء = في الحضر عند وجود الماء فيه وفي السفر = الذي فرضه الله عز وجل بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ) [سورة المائدة: ٦] وأن يكون قوله في كفارة الظهار: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) [سورة المجادلة: ٤] ناسخا قوله: (فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا) (٢) [سورة المجادلة: ٣] .

* * *

فيُسْأل القائل إنّ قول الله عز وجل:"فإن أمن بعضكم بعضًا فليؤدّ الذي اؤتمن أمانته" ناسخٌ قوله:"إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه": ما الفرقُ بَينه وبين قائلٍ في التيمم وما ذكرنا قوله = (٣) فزعم أنّ كل ما أبيح في حال


(١) يعني ما سلف له بيانه في ٣: ٣٨٥، ٥٦٣/ ٤: ٥٨٢، وما سيأتي في هذا الجزء: ١١٨، تعليق: ١.
(٢) ساق رأي الطبري مختصرًا، أبو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ: ٨٣، ٨٤، والقرطبي في تفسيره ٣: ٤٠٣، ٤٠٤.
(٣) في المطبوعة: "ما الفرق بينه وبين القائل في التيمم ما ذكرنا قوله"، أدخل التعريف على"قائل"، وحذف الواو من"وما ذكرنا" فصار الكلام محفوفًا بالفساد والخلط من كل مكان، وتخلع السياق تخلعًا فظيعًا. وقول الطبري"وما ذكرنا" يعني ما ذكره في آية الظهار السالفة. ويعني بقوله: "وما ذكرنا قوله"، أي أنه منسوخ بتمام الآية.

<<  <  ج: ص:  >  >>