الضرورة لعلة الضرورة، ناسخ حكمُه في حال الضرورة حكمَه في كل أحواله: نظيرَ قوله في أنّ الأمر باكتتاب كتب الديون والحقوق منسوخٌ بقوله:"وإن كنتم عَلى سَفر ولم تجدُوا كاتبًا فرهانٌ مقبوضة فإن أمن بعضُكم بعضًا فليؤدّذ الذي اؤتمن أمانته) ؟
فإن قال: الفرق بيني وبينه أن قوله:"فإن أمن بعضُكم بعضًا" كلام منقطع عن قوله:"وإن كنتم على سَفر ولم تجدوا كاتبًا فرهان مقبوضة"، وقد انتهى الحكم في السفر إذا عُدم فيه الكاتب بقوله:"فرهان مقبوضة". وإنما عنى بقوله:"فإن أمن بعضكم بعضًا":"إذا تداينتم بدَين إلى أجل مسمى"، فأمن بعضكم بعضًا، فليؤدّ الذي اؤتمن أمانته.
قيل له: وما البرهان على ذلك من أصل أو قياس، وقد انقضى الحكم في الدّين الذي فيه إلى الكاتب والكتاب سبيلٌ بقوله:"ويُعلّمكم الله واللهُ بكل شيء عليم"؟ (١)
* * *
وأما الذين زعموا أن قوله:"فاكتبوا"، وقوله:"ولا يأب كاتب" على وجه الندب والإرشاد، فإنهم يُسألون البرهان على دعواهم في ذلك، ثم يعارضون بسائر أمر الله عز وجل الذي أمر في كتابه، ويُسألون الفرق بين ما ادّعوا في ذلك وأنكروه في غيره. فلم يقولوا في شيء من ذلك قولا إلا ألزموا في الآخر مثله.
* * *
ذكر من قال:"العدل" في قوله:"وليكتب بينكم كاتب بالعدل": الحقّ.