للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بل نقول:"سمعنا وأطعنا"! فأنزل الله لذلك من قول النبي صلى الله عليه وسلم وقول أصحابه:"آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله"، يقول: وصدق المؤمنون أيضا مع نبيهم بالله وملائكته وكتبه ورسله، الآيتين. وقد ذكرنا قائلي ذلك قبل. (١)

* * *

قال أبو جعفر: واختلفت القرأة في قراءة قوله:"وكتبه".

فقرأ ذلك عامة قرأة المدينة وبعض قرأة أهل العراق (وكتبه) على وجه جمع"الكتاب"، على معنى: والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وجميع كتبه التي أنزلها على أنبيائه ورسله.

* * *

وقرأ ذلك جماعة من قرأة أهل الكوفة: (وكتابه) ، بمعنى: والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وبالقرآن الذي أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

* * *

وقد روي عن ابن عباس أنه كان يقرأ ذلك:"وكتابه"، ويقول: الكتاب أكثر من الكتب. وكأن ابن عباس يوجه تأويل ذلك إلى نحو قوله: (وَالْعَصْرِ إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) [سورة العصر: ١-٢] ، بمعنى جنس"الناس" وجنس"الكتاب"، كما يقال:"ما أكثر درهم فلان وديناره"، ويراد به جنس الدراهم والدنانير. (٢) وذلك، وإن كان مذهبا من المذاهب معروفا، فإن الذي هو أعجب إلي من القراءة في ذلك أن يقرأ بلفظ الجمع. لأن الذي قبله جمع، والذي بعده كذلك - أعني بذلك:"وملائكته وكتبه ورسله" - فإلحاق"الكتب" في الجمع لفظا به، أعجب إلي من توحيده وإخراجه في اللفظ به بلفظ الواحد، ليكون لاحقا في اللفظ والمعنى بلفظ ما قبله وما بعده، وبمعناه.

* * *


(١) انظر ما سلف رقم: ٦٤٧٧.
(٢) انظر ما سلف ٤: ٢٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>