القول في تأويل قوله تعالى:{لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}
قال أبو جعفر: وأما قوله:"لا نفرق بين أحد من رسله"، فإنه أخبر جل ثناؤه بذلك عن المؤمنين أنهم يقولون ذلك. ففي الكلام في قراءة من قرأ:"لا نفرق بين أحد من رسله" بالنون، متروك، قد استغني بدلالة ما ذكر عنه. وذلك المتروك هو"يقولون". وتأويل الكلام: والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، يقولون: لا نفرق بين أحد من رسله. وترك ذكر"يقولون" لدلالة الكلام عليه، كما ترك ذكره في قوله:(وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ)[سورة الرعد: ٢٣-٢٤] ، بمعنى: يقولون: سلام.
* * *
وقد قرأ ذلك جماعة من المتقدمين:(لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) ب"الياء"، بمعنى: والمؤمنون كلهم آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، لا يفرق الكل منهم بين أحد من رسله، فيؤمن ببعض ويكفر ببعض، ولكنهم يصدقون بجميعهم، ويقرون أن ما جاءوا به كان من عند الله، وأنهم دعوا إلى الله وإلى طاعته، ويخالفون في فعلهم ذلك اليهود الذين أقروا بموسى وكذبوا عيسى، والنصارى الذين أقروا بموسى وعيسى وكذبوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وجحدوا نبوته، ومن أشبههم من الأمم الذين كذبوا بعض رسل الله، وأقروا ببعضه، كما:-
٦٥٠٠ - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد:"لا نفرق بين أحد من رسله"، كما صنع القوم - يعني بني إسرائيل - قالوا: فلان نبي، وفلان ليس نبيا، وفلان نؤمن به، وفلان لا نؤمن به.
* * *
قال أبو جعفر: والقراءة التي لا نستجيز غيرها في ذلك عندنا بالنون: