للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

و"الربّاني" هو المنسوب إلى من كان بالصفة التي وصفتُ = وكان العالم بالفقه والحكمة من المصلحين، يَرُبّ أمورَ الناس، بتعليمه إياهم الخيرَ، ودعائهم إلى ما فيه مصلحتهم = وكان كذلك الحكيمُ التقيُّ لله، والوالي الذي يلي أمور الناس على المنهاج الذي وَليه المقسطون من المصْلحين أمورَ الخلق، بالقيام فيهم بما فيه صلاحُ عاجلهم وآجلهم، وعائدةُ النفع عليهم في دينهم، ودنياهم = كانوا جميعًا يستحقون أن [يكونوا] ممن دَخل في قوله عز وجل:"ولكن كونوا ربانيين". (١)

ف"الربانيون" إذًا، هم عمادُ الناس في الفقه والعلم وأمور الدين والدنيا. ولذلك قال مجاهد:"وهم فوق الأحبار"، لأن"الأحبارَ" هم العلماء، و"الرباني" الجامعُ إلى العلم والفقه، البصرَ بالسياسة والتدبير والقيام بأمور الرعية، وما يصلحهم في دُنياهم ودينهم. (٢)

* * *

القول في تأويل قوله: {بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (٧٩) }

قال أبو جعفر: اختلفت القرأة في قراءة ذلك.

فقرأه عامة قرأة أهل الحجاز وبعض البصريين: (بِمَا كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) بفتح"التاء" وتخفيف"اللام"، يعني: بعلمكم الكتابَ ودراستكم إياه وقراءتكم.


(١) في المطبوعة: "كانوا جميعًا مستحقين أنهم ممن دخل في قوله ... "، وهي عبارة سقيمة غير المخطوطة كما شاء. وفي المخطوطة: "كانوا جميعًا مستحقون أن ممن دخل في قوله ... "، وظاهر أن الناسخ جعل"يستحقون"، "مستحقون"، وهو خطأ في الإعراب، وسقط من عجلته قوله: "يكونوا"، فزدتها بين القوسين، فاستقام الكلام.
(٢) هذا التفسير قل أن تجده في كتاب من كتب اللغة، وهو من أجود ما قرأت في معنى"الرباني"، وهو من أحسن التوجيه في فهم معاني العربية، والبصر بمعاني كتاب الله. فرحم الله أبا جعفر رحمة ترفعه درجات عند ربه.

<<  <  ج: ص:  >  >>