واعتلُّوا لاختيارهم قراءة ذلك كذلك، بأن الصواب = كذلك، لو كان التشديد في"اللام" وضم"التاء" = لكان الصواب في:"تدرسون"، بضم"التاء" وتشديد"الراء". (١)
* * *
وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين:(بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ) بضم"التاء" من"تعلمون"، وتشديد"اللام"، بمعنى: بتعليمكم الناسَ الكتابَ ودراستكم إياه.
واعتلوا لاختيارهم ذلك، بأن مَنْ وصفهم بالتعليم، فقد وصفهم بالعلم، إذ لا يعلِّمون إلا بعد علمهم بما يعلِّمون. قالوا: ولا موصوف بأنه"يعلم"، إلا وهو موصوف بأنه"عالم". قالوا: فأما الموصوف بأنه"عالم"، فغير موصوف بأنه معلِّم غيره. قالوا: فأولى القراءتين بالصواب أبلغهما في مدح القوم، وذلك وصفهم بأنهم كانوا يعلمون الناسَ الكتابَ، كما:-
٧٣٢٠ - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا يحيى بن آدم، عن ابن عيينة، عن حميد الأعرج، عن مجاهد أنه قرأ:"بما كنتم تَعلَمون الكتابَ وبما كنتم تَدْرسون"، مخففةً بنصب"التاء" = وقال ابن عيينة: ما علَّموه حتى علِموه!
* * *
قال أبو جعفر: وأولى القراءتين بالصواب في ذلك، قراءة من قرأه بضم"التاء" وتشديد"اللام". لأن الله عز وجل وصف القوم بأنهم أهل عمادٍ للناس في دينهم ودنياهم، وأهل إصلاح لهم ولأمورهم وتربية.
يقول جل ثناؤه:"ولكن كونوا ربانيين"، على ما بينا قبل من معنى"الرباني"،
(١) في المطبوعة: "بأن الصواب لو كان التشديد في اللام ... "، حذف من المخطوطة"كذلك"بعد" بأن الصواب"، وظاهر أن موضع الخطأ هو سقوط"الواو" قبل قوله: "لو كان التشديد". فأثبتها، واستقام الكلام.