للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إسلامه. فيكون معنيًّا بالآية جميعُ هذين الصنفين وغيرُهما ممن كان بمثل معناهما، بل ذلك كذلك إن شاء الله.

* * *

فتأويل الآية إذًا:"كيف يَهدي الله قومًا كفروا بعد إيمانهم"، يعني: كيف يُرشد الله للصواب ويوفّق للإيمان، قومًا جحدُوا نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم ="بعد إيمانهم"، أي: بعد تصديقهم إياه، وإقرارهم بما جاءَهم به من عند ربه ="وَشهدوا أن الرسول حقّ"، يقول: وبعد أن أقرّوا أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خلقه حقًّا ="وجاءهم البينات"، يعني: وجاءهم الحجج من عند الله والدلائلُ بصحة ذلك؟ ="والله لا يهدي القوم الظالمين"، يقول: والله لا يوفّق للحق والصّواب الجماعة الظَّلمة، وهم الذين بدّلوا الحق إلى الباطل، فاختارُوا الكفر على الإيمان.

* * *

وقد دللنا فيما مضى قبل على معنى"الظلم"، وأنه وضعُ الشيء في غير موضعه، بما أغنى عن إعادته. (١)

* * *

="أولئك جزاؤهم"، يعني: هؤلاء الذين كفروا بعد إيمانهم، وبعد أن شهدوا أن الرسول حَقّ -"جزاؤهم"، ثوابهم من عملهم الذي عملوه (٢) ="أنّ عليهم لعنة الله"، يعني: أن يحلّ بهم من الله الإقصاء والبعد، (٣) ومن الملائكة والناس الدعاءُ بما يسوؤهم من العقاب (٤) ="أجمعين"، يعني: من جميعهم، لا من


(١) انظر ما سلف ١: ٥٢٣، ٥٢٤ / ثم باقي المواضع في فهرس اللغة"ظلم"، وانظر أيضًا فهارس اللغة في سائر ألفاظ الآية.
(٢) انظر تفسير"الجزاء" فيما سلف ٢: ٢٧، ٢٨، ٣١٤، وغيره في فهارس اللغة"جزى".
(٣) في المخطوطة والمطبوعة: "أن حل بهم"، فعل ماض، والسياق يقتضي المضارع.
(٤) في المخطوطة والمطبوعة: "ومن الملائكة والناس إلا مما يسوءهم ... "، وهو كلام غير مستقيم، وهو تصحيف لما كتبت، كان في الأصل"الدعاما يسوءهم" بغير همزة"الدعاء"، وبغير نقط"بما"، فاشتبهت الحروف على الناسخ، فحرفها إلى ما ترى.

<<  <  ج: ص:  >  >>