للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعض من سمَّاه جل ثناؤه من الملائكة والناس، ولكن من جميعهم. وإنما جعل ذلك جل ثناؤه ثواب عملهم، لأن عملهم كان بالله كفرًا.

* * *

وقد بينا صفة"لعنة الناس" الكافرَ في غير هذا الموضع، بما أغنى عن إعادته. (١)

* * *

="خالدين فيها" يعني: ماكثين فيها، يعني في عقوبة الله (٢)

="لا يخفَّف عنهم العذاب"، لا ينقصون من العذاب شيئًا في حال من الأحوال، ولا ينفَّسون فيه (٣) ="ولا هم ينظرون"، يعني: ولا هم ينظرون لمعذرة يعتذرون. (٤) وذلك كله عَينُ الخلود في العقوبة في الآخرة. (٥)

ثم استثنى جل ثناؤه الذين تابوا، من هؤلاء الذين كفروا بعد إيمانهم فقال تعالى ذكره:"إلا الذين تَابوا من بعد ذلك وأصلحوا"، يعني: إلا الذين تابوا


(١) انظر ما سلف ٢: ٣٢٨، ٣٢٩ / ثم ٣: ٢٥٤-٢٥٨، ٢٦١-٢٦٣، وفيها نظير ما في هذه الآية.
(٢) انظر تفسير"خالدين" فيما سلف ١: ٣٩٧، ٣٩٨ / ٢: ٢٨٧ / ٤: ٣١٧، وفهارس اللغة.
(٣) انظر تفسير"يخفف" فيما سلف ٢: ٣١٦، ٣١٧، والتنفيس: والترفيه والتفريج هنا.
(٤) انظر تفسير"ينظرون" في نظيرة هذه الآية فيما سلف ٣: ٢٦٤، ٢٦٥، وقبله ٢: ٤٦٧، ٤٦٨.
(٥) في المخطوطة والمطبوعة: "وذلك كله أعني الخلود في العقوبة في الآخرة"، وهي جملة فاسدة البناء والمعنى، أخطأ الناسخ فهم مراد أبي جعفر، فكتب ما كتب، والصواب هو ما أثبت. فإن أبا جعفر قد لجأ إلى الاختصار في مواضع كثيرة من تفسيره، منها هذا الموضع، فلم يبين إعراب قوله تعالى: "لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون"، وأهل الإعراب يعربونها حالا متداخلة - أي حالا من حال - لأن"خالدين" حال من الضمير في"عليهم". وأما أبو جعفر، فهو يعدها جملة مستأنفة، وهي بذلك بيان عن الخلود في النار. والدليل على صحة ذلك، وعلى صحة ما أثبت من الصواب في نص أبي جعفر هنا، أنه قال في تفسير نظيرة هذه الآية من"سورة البقرة: ١٦٢" في الجزء ٣: ٢٦٤ ما نصه.
"وأما قوله: " لا يخفف عنهم العذاب"، فإنه خبر من الله تعالى ذكره عن دوام العذاب أبدًا من غير توقيت ولا تخفيف". فهذا نص قاطع في أن إعراب الطبري لهذا الموضع من الآية هو ما ذهبت إليه، وفي أنه يرى أن معنى هذه الجملة من الآية، هو معنى"الخلود" بعينه. والحمد لله أولا وآخرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>