للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كتابكم الذي أنزل الله إليكم، وكتابهم الذي أنزله إليهم، وغير ذلك من الكتب التي أنزلها الله على عباده.

يقول تعالى ذكره: فأنتم = إذ كنتم، أيها المؤمنون، تؤمنون بالكتب كلها، وتعلمون أنّ الذين نهيتكم عن أن تتخذوهم بطانة من دونكم كفار بذلك كله، بجحودهم ذلك كله من عهود الله إليهم، وتبديلهم ما فيه من أمر الله ونهيه = (١) أولى بعداوتكم إياهم وبغضائهم وغشهم، منهم بعداوتكم وبغضائكم، مع جحودهم بعضَ الكتب وتكذيبهم ببعضها. كما:-

٧٦٩٥- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال، حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:"تؤمنون بالكتاب كله"، أي: بكتابكم وكتابهم وبما مضى من الكتب قبل ذلك، وهم يكفرون بكتابكم، فأنتم أحقّ بالبغضاء لهم، منهم لكم. (٢)

* * *

قال أبو جعفر: وقال:"ها أنتم أولاء" ولم يقل:"هؤلاء أنتم"، (٣) ففرق بين"ها و"أولاء" بكناية اسم المخاطبين، لأن العرب كذلك تفعل في"هذا" إذا أرادت به التقريب ومذهب النقصان الذي يحتاج إلى تمام الخبر، (٤) وذلك مثل


(١) سياق هذه العبارة: فأنتم ... أولى بعداوتكم إياهم.
(٢) الأثر: ٧٦٩٥- سيرة ابن هشام ٢: ٢٠٧، وهو من تمام الآثار السالفة التي آخرها: ٧٦٨٠.
(٣) في المخطوطة: "ولم يقل: هذا أنتم"، والصواب ما في المطبوعة، فهو حق السياق.
(٤) التقريب" من اصطلاح الكوفيين، وقد فسره السيوطي في همع الهوامع ١: ١١٣، فقال [ذهب الكوفيون إلى أن"هذا" و"هذه"، إذا أريد بها التقريب كانا من أخوات"كان"، في احتياجهما إلى اسم مرفوع وخبر منصوب، نحو: "كيف أخاف الظلم وهذا الخليفة قادمًا؟ "، "وكيف أخاف البرد، وهذه الشمس طالعة؟ "، وكذلك كل ما كان فيه الاسم الواقع بعد أسماء الإشارة لا ثاني له في الوجود، نحو: "هذا ابن صياد أسقى الناس"، فيعربون"هذا" تقريبًا، والمرفوع اسم التقريب، والمنصوب خبر التقريب. لأن المعنى إنما هو عن الخليفة بالقدوم، وعن الشمس بالطلوع، وأتى باسم الإشارة تقريبا للقدوم والطلوع. ألا ترى أنك لم تشر إليهما وهما حاضران؟ وأيضًا، فالخليفة والشمس معلومان، فلا يحتاج إلى تبيينهما بالإشارة إليهما. وتبين أن المرفوع بعد اسم الإشارة يخبر عنه بالمنصوب، لأنك لو أسقطت الإشارة لم يختل المعنى، كما لو أسقطت"كان" من: "كان زيد قائما"] .

<<  <  ج: ص:  >  >>