للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن يقال لبعضهم: أين أنت"، فيجيب المقول ذلك له."ها أنا ذا" = (١) فتفرق بين التنبيه و"ذا" بمكنيّ اسم نفسه، (٢) ولا يكادون يقولون:"هذا أنا"، ثم يثني ويجمع على ذلك. وربما أعادوا حرف التنبيه مع:"ذا" فقالوا:"ها أنا هذا". ولا يفعلون ذلك إلا فيما كان تقريبًا، (٣) فأما إذا كان على غير التقريب والنقصان قالوا:"هذا هو""وهذا أنت". وكذلك يفعلون مع الأسماء الظاهرة، يقولون:"هذا عمرو قائمًا"، إن كان"هذا" تقريبًا. (٤) وإنما فعلوا ذلك في المكني مع التقريب، (٥) تفرقة بين"هذا" إذا كان بمعنى الناقص الذي يحتاج إلى تمام، وبينه إذا كان بمعنى الاسم الصحيح. (٦)

* * *

وقوله:"تحبونهم" خَبَرٌ للتقريب. (٧)

* * *

قال أبو جعفر: وفي هذه الآية إبانة من الله عز وجل عن حال الفريقين - أعني المؤمنين والكافرين، ورحمة أهل الإيمان ورأفتهم بأهل الخلاف لهم، وقساوة قلوب أهل الكفر وغلظتهم على أهل الإيمان، كما:-


(١) في المطبوعة: "فيفرق"، والصواب بالتاء، لأنه يريد"العرب". وسياق الكلام: "لأن العرب كذلك تفعل ... فتفرق ... ".
(٢) في المخطوطة: "بين التنبيه وأولاء". والذي في المطبوعة أجود وأمضى على السياق، وهو تغيير مستحسن. والظاهر أن الخطأ قديم في نسخ الطبري، بل لعله من فعل أبي جعفر نفسه، وكأنه لما نقل هذا الكلام، وهو كلام الفراء، اختصر أوله فقال: "لأن العرب كذلك تفعل في هذا"، واقتصر عليها، مع أن الفراء ذكر"هذا، وهذان، وهؤلاء". هذا مع اشتغال ذهنه بنص الآية نفسها، فدخل عليه السهو فيما كتب. هذا ما أرجحه والله ولي التوفيق.
(٣) انظر معنى"التقريب" فيما سلف ص: ١٤٩ تعليق: ٤.
(٤) في المطبوعة والمخطوطة: "وإن كان ... " بالواو، وإثباتها فساد في الكلام شديد لأنه يعني أنهم ينصبون: "قائما"، إن كان"هذا" بمعنى التقريب. والجملة الآتية مؤيدة لذلك.
(٥) انظر معنى"التقريب" فيما سلف ص: ١٤٩ تعليق: ٤.
(٦) في المطبوعة: "وبينه وبين ما إذا كان بمعنى الاسم الصحيح"، زاد من زاد"وبين ما" ظنا منه أن ذلك أقوم في الدلالة على المعنى من عبارة أبي جعفر التي ثبتها من المخطوطة. وقد أساه غاية الإساءة!
(٧) يعني بقوله: "خبر للتقريب"، أي هو في موضع نصب خبرًا للتقريب، كما أسلفت بيان ذلك من كلام السيوطي في ص ١٤٩، تعليق: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>