للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المستقبل. وذلك أن العرب تذهب بـ"الذين" مذهب الجزاء، وتعاملها في ذلك معاملة"من" و"ما"، لتقارب معاني ذلك في كثير من الأشياء، وإن جميعهنّ أشياء (١) مجهولات غير موقتات توقيت"عمرو" و"زيد". (٢) .

فلما كان ذلك كذلك = وكان صحيحًا في الكلام فصيحًا أن يقال للرجل:"أكرمْ من أكرمك""وأكرم كل رجل أكرمك"، فيكون الكلام خارجًا بلفظ الماضي مع"من"، و"كلٍّ"، مجهولَيْنِ ومعناه الاستقبال، (٣) إذ كان الموصوف بالفعل غير مؤقت، وكان"الذين" في قوله:"لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض"، غير موقَّتين، (٤) = أجريت مجرى"من" و"ما" في ترجمتها التي تذهب مذهب الجزاء، (٥) وإخراج صلاتها بألفاظ الماضي من الأفعال وهي بمعنى الاستقبال، كما قال الشاعر في"ما": (٦)

وإنّي لآتِيكُمْ تَشَكُّرَ مَا مَضَى ... مِنَ الأمْرِ واسْتِيجَابَ مَا كَانَ فِي غَدِ (٧)

فقال:"ما كان في غد"، وهو يريد: ما يكون في غد. ولو كان أراد الماضي لقال:"ما كان في أمس"، ولم يجز له أن يقول:"ما كان في غد".

ولو كان"الذي" موقَّتًا، لم يجز أن يقال ذلك. خطأ أن يقال:"لتُكرِمن


(١) في المطبوعة: "وأن جمعهن أشياء. . ."، وهو خطأ صوابه من المطبوعة.
(٢) الموقت، والتوقيت: هو المعرفة المحددة، والتعريف المحدد، وهو الذي يعني سماه تعيينًا مطلقًا غير مقيد، مثل"زيد"، فإنه يعين مسماه تعيينًا مطلقًا، أو محددًا. وانظر ما سلف ١: ١٨١، تعليق: ١ / ٢: ٣٣٩. والمجهول: غير المعروف، وهو النكرة.
(٣) في المخطوطة والمطبوعة"مع من وكل مجهول"، والصواب ما أثبت، ويعني بقوله"مجهولين": نكرتين.
(٤) "موقتين" جمع"موقت" بالياء والنون، وهي المعرفة كما سلف. والسياق"وكان الذين.. .. .. غير موقتين"، لأن"الذين" جمع، فوصفها بالجمع.
(٥) في المخطوطة"التي تذهب الجزاء"، وفي معاني القرآن للفراء ١: ٢٤٣: "لأن"الذين" يذهب بها إلى معنى الجزاء، من: من، وما". فالتصرف الذي ذهب إليه الناشر الأول صواب جيد جدًا."والترجمة" هنا: التفسير والبيان.
(٦) هو الطرماح بن حكيم.
(٧) مضى تخريج البيت وشرحه فيما سلف ٢: ٣٥١، تعليق: ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>