للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جل ثناؤه عنه، (١) لقيل:"ولا تنكحوا مَنْ نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف"، لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب، إذ كان"مَنْ" لبني آدم، و"ما" لغيرهم = ولم يُقَلْ:"ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء". (٢) [وأما قوله تعالى ذكره:"ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء"] ، فإنه يدخل في"ما"، (٣) ما كان من مناكح آبائهم التي كانوا يتناكحونها في جاهليتهم. فحرَّم عليهم في الإسلام بهذه الآية، نكاحَ حلائل الآباء وكلَّ نكاح سواه نهى الله تعالى ذكره [عن] ابتداء مثله في الإسلام، (٤) مما كان أهل الجاهلية يتناكحونه في شِرْكهم.

* * *

ومعنى قوله:"إلا ما قد سلف"، إلا ما قد مضى (٥) ="إنه كان فاحشة"، يقول: إن نكاحكم الذي سلف منكم كنكاح آبائكم المحرَّم عليكم ابتداءُ مثله في الإسلام بعد تحريمي ذلك عليكم ="فاحشة"، يقول: معصية (٦) ="ومقتًا وساء سبيلا"، (٧) أي: بئس طريقًا ومنهجًا، (٨) ما كنتم تفعلون في


(١) في المطبوعة: " ... حرامًا ابتدئ مثله في الإسلام"، ولم يحسن قراءة المخطوطة"ابتدا" فبدلها إلى ما أفسد الكلام إفسادًا.
(٢) في المخطوطة والمطبوعة: "إذ كان من لبني آدم، وما لغيرهم ولا تقل: ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء"، وهو كلام لا يستقيم البتة، وصواب قوله"ولا تقل""ولم يقل" (بالبناء للمجهول) ، وهو معطوف على قوله آنفًا: "لقيل: ولا تنكحوا من نكح آباؤكم". واختلط على الناسخ تكرار الآية مرتين فسبق بصره، فأسقط من الكلام ما أثبته بعد بين القوسين، مما لا يتم الكلام ولا يستقيم إلا بإثباته، واجتهدت فيه استظهارًا من كلامه وحجته، كما ترى.
(٣) في المخطوطة: "فإنه يدخل فيما كان من مناكح آبائهم"، وهو سهو وخطأ من الناسخ لما اختلط عليه الكلام، والصواب هو الذي استظهره ناشر المطبوعة الأولى، كما أثبتها.
(٤) ما بين القوسين زيادة لا بد منها، ساقطة من المخطوطة والمطبوعة.
(٥) انظر تفسير"سلف" فيما سلف ٦: ١٤.
(٦) انظر تفسير"فاحشة" فيما سلف: ١١٥ تعليق: ٢ والمراجع هناك.
(٧) لم يفسر أبو جعفر هنا"المقت" في هذا الموضع، ولا في سائر المواضع التي جاء فيها ذكر"المقت"، إلا تضمينًا. و"المقت": أشد البغض، ثم سمى هذا النكاح الذي كانوا يتناكحونه في الجاهلية"نكاح المقت"، وسمي المولود عليه"المقتى" على النسبة.
(٨) انظر تفسير"السبيل" فيما سلف: ٣٧، تعليق: ٦، والمراجع هناك. وأما "ساء"، فإن أبا جعفر لم يبين معناها، ولم يذكر أن أصحاب العربية يعدونها فعلا جامدًا يجري مجرى"نعم" و"بئس"، وإن كان تفسيره قد تضمن ذلك. وهذا من الأدلة على أنه اختصر هذا التفسير في مواضع كثيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>