للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فجمع بينهن، لاتفاق معانيهن واختلاف ألفاظهن، كما قال الآخر: (١)

قَدْ يَكْسِبُ المَالَ الهِدَانُ الجَافِي ... بِغَيْرِ لا عَصْفٍ وَلا اصْطِرَافِ (٢)

فجمع بين"غير" و"لا"، توكيدًا للنفي. قالوا: إنما يجوز أن يجعل"أن" مكان"كي"، و"كي" مكان"أن"، في الأماكن التي لا يَصْحب جالبَ ذلك ماض من الأفعال أو غير المستقبل. فأما ما صحبه ماض من الأفعال وغير المستقبل، فلا يجوز ذلك. لا يجوز عندهم أن يقال:"طننت ليقوم"، ولا"أظن ليقوم"، بمعنى: أظن أن يقوم = لأنّ ["أنْ"] ، (٣) التي تدخل مع الظن


(١) ينسب إلى العجاج، وإلى رؤبة، وليس في ديوانه، وانظر التعليق التالي.
(٢) ديوان العجاج: ٤٠، ٨٢، معاني القرآن للفراء ١: ٢٦٢، الإنصاف: ٢٤٢. واللسان (صرف) (عصف) (هدن) ، والبيت التالي، هو الوارد في شعر العجاج: قَالَ الَّذِي جَمَّعْتَ لِي صَوَافِي ... مِنْ غَيْرِ لا عَصْفٍ وَلا اصْطِرَافِ
وهو من قصيدة يعاتب فيها ولده رؤبة، فرد عليه ولده رؤبة بقصيدة في ديوانه: ٩٩. فظاهر أن هذا هو سبب الخلط في نسبة هذا الشعر، والصواب أنه للعجاج، لأنه من معنى عتابه ولده حين كبر وأرعش، وظن أن ابنه طمع في ماله ورجا هلاكه، وختم قصيدته بقوله: لَيْسَ كَذَاكُمْ وَلَدُ الأَشْرَافِ ... أَعْجَلَنِي المَوْتَ وَلَمْ يُكًافِ
سَوْفَ يُجَازيك مَلِيكٌ وَافِ ... بِالأَخْذِ إنْ جَازَاكَ، أَوْ يُعافِي
و"الهدان": الجبان، أو الوخم الثقيل النوام الذي لا يبكر في حاجة. و"عصف يعصف" و"اعتصف": طلب وكسب واحتال. و"العصف": الكسب والاحتيال. و"صرفت الرجل في أمري، فتصرف واصطرف": أي احتال في طلب الكسب.
(٣) الزيادة بين القوسين لا بد منها، استظهرتها من السياق، ومن معاني القرآن للفراء.

<<  <  ج: ص:  >  >>