للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

*ذكر من قال ذلك:

٩١٤٣ - حدثني محمد بن حميد قال، حدثنا يحيى بن واضح، عن الحسن بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري قالا في قوله:"لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارةً عن تراض منكم" الآية، فكان الرجل يتحرّج أن يأكل عند أحد من الناس بعد ما نزلت هذه الآية، فنسخ ذلك بالآية التي في"سورة النور"، فقال: (لَيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ) إلى قوله: (جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا) (١) فكان الرجل الغنيّ يدعو الرجلَ من أهله إلى الطعام، فيقول:"إني لأتَجَنَّح"! = و"التجنح" التحرّج (٢) = ويقول:"المساكين أحق به مني"! (٣) فأحل من ذلك أن يأكلوا مما ذكر اسم الله عليه، وأحلّ طعامَ أهل الكتاب. (٤)

* * *

قال أبو جعفر: وأولى هذين القولين بالصواب في ذلك، قولُ السدي. وذلك أن الله تعالى ذكره حرّم أكل أموالنا بيننا بالباطل، ولا خلاف بين المسلمين أنّ أكل ذلك حرامٌ علينا، فإنّ الله لم يحلَّ قط أكلَ الأموال بالباطل.

وإذْ كان ذلك كذلك، فلا معنى لقول من قال:"كان ذلك نهيًا عن


(١) من أعجب العجب، أن تكون آية سورة النور قد ذكرت قبل أسطر على الصحة، ثم تتفق المخطوطة والمطبوعة على أن تسوق الآية على الخطأ، فيكتب: "ليس عليكم جناح أن تأكلوا من بيوتكم ... " وهذا من السهو الشديد، أعاذنا الله وإياك من مثله، والله وحده المستعان.
(٢) "التجنح": التحرج، هذا معنى جيد عريق في العربية، لم تثبته كتب اللغة، فأثبته هناك.
(٣) في المطبوعة: "أحق مني به"، على التأخير، وأثبت ما في المخطوطة.
(٤) كأن هذا الأثر فيه بعض النقص، وقد اختصره السيوطي في الدر المنثور ٢: ١٤٣، ١٤٤، اختصارًا شديدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>