للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منكم، فيحل لكم هنالك أكلها. فتكون"الأموال" مضمرة في قوله:"إلا أن تكون"، و"التجارة" منصوبة على الخبر. (١)

* * *

قال أبو جعفر: وكلتا القراءتين عندنا صوابٌ جائزةٌ القراءةُ بهما، لاستفاضتهما في قرأة الأمصار، مع تقارب معانيهما. غير أن الأمر وإن كان كذلك، فإن قراءة ذلك بالنصب، أعجبُ إليّ من قراءته بالرفع، لقوة النصب من وجهين:

أحدهما: أن في"تكون" ذكر من الأموال. والآخر: أنه لو لم يجعل فيها ذكر منها، ثم أفردت بـ "التجارة"، وهي نكرة، كان فصيحًا في كلام العرب النصبُ، إذ كانت مبنيةً على اسم وخبر. فإذا لم يظهر معها إلا نكرة واحدة، نصبوا ورفعوا، كما قال الشاعر:

إِذَا كَانَ طَعْنًا بَيْنَهُمْ وَعِنَاقَا (٢)

قال أبو جعفر: ففي هذه الآية إبانةٌ من الله تعالى ذكره عن تكذيب قول الجهلة من المتصوِّفة المنكرين طلبَ الأقوات بالتجارات والصناعات، والله تعالى يقول:"يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم"، اكتسابًا منا ذلك بها، (٣) كما:-

٩١٤٤ - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن


(١) انظر تفصيل القول في هاتين القراءتين، في نظيرة هذه الآية من سورة البقرة: ٢٨٢ في ٦: ٨٠-٨٢، وإن اختلف وجه التأويل في الآيتين، كما يظهر من مراجعة ذلك في آية سورة البقرة.
(٢) سلف البيت بتمامه في ٦: ٨٠، ولم أشر إلى مكانه هنا في الموضع السالف، لأني لم أقف عليه أثناء تخريج شعر التفسير، لإدماجه في صلب الكلام.
(٣) في المطبوعة: "اكتسابًا أحل ذلك لها"، غير ما في المخطوطة، إذ لم يحسن قراءته. وهو كما أثبته، إلا أن الناسخ أخطأ فكتب"لها"، والصواب: "بها"، أي: بالتجارات والصناعات.

<<  <  ج: ص:  >  >>