للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

=فإن يكن قبله، فذلك الخَلْف من الكلام الذي لا معنى له، (١) لأنه لم يملك قبل عقد البيع أحدُ المتبايعين على صاحبه ما لم يكن له مالكًا، فيكون لتخييره صاحبه فيما مَلك عليه وجه مفهوم (٢) = ولا فيهما من يجهلُ أنه بالخيار في تمليك صاحبه ما هو لهُ غير مالك بعوَض يعتاضُه منه، فيقال له:"أنت بالخيار فيما تريدُ أن تحدثه من بيع أو شراء".

= أو يكون - إذْ بطل هذا المعنى (٣) - تخيير كلّ واحد منهما صاحبه مع عقد البيع. ومعنى التخيير في تلك الحال، نظيرُ معنى التخيير قبلها. لأنها حالة لم يَزُل فيها عن أحدهما ما كان مالكه قبل ذلك إلى صاحبه، فيكون للتخيير وجه مفهوم.

= أو يكون ذلك بعد عقد البيع، إذْ فَسد هذان المعنيان. (٤)

وإذْ كان ذلك كذلك، صحّ أن المعنى الآخر من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم - أعني قوله:"ما لم يتفرقا" - إنما هو التفرّق بعد عقد البيع، كما كان التخيير بعده. وإذْ صحّ ذلك، فسد قولُ من زعم أن معنى ذلك إنما هو التفرق بالقول الذي به يكون البيع. وإذ فسد ذلك، صحّ ما قلنا من أن التخيير والافتراق إنما هما معنيان بهما يكون تمام البيع بعد عقده، وصحّ تأويل من قال: معنى قوله:"إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم": إلا أن يكون أكلكم الأموال التي يأكلها بعضكم لبعض، عن مِلْك منكم عمن مَلكتموها عليه، بتجارة تبايعتموها بينكم، وافترقتم عنها عن تراض منكم بعد عقد البيع بينكم بأبدانكم، أو تخيير بعضكم بعضًا. (٥)

* * *


(١) "الخلف" (بفتح الخاء وسكون اللام) : هو الكلام الرديء الخطأ، يقال: "هذا خلف من القول"، وفي المثل: "سكت ألفًا، ونطق خلفًا"، للذي يطيل الصمت، فإذا تكلم تكلم بالخطأ.
(٢) في المطبوعة: "فيما يملك عليه"، والصواب من المخطوطة.
(٣) في المخطوطة والمطبوعة: "إن بطل ... " والأجود ما أثبت.
(٤) في المطبوعة: "إذا فسد ... "، والصواب"إذ" كما في المخطوطة.
(٥) في المخطوطة والمطبوعة: "أو يخير بعضكم ... "، ورجحت ما أثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>