للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القول في تأويل قوله: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (٢٩) }

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه:"ولا تقتلوا أنفسكم"، ولا يقتل بعضكم بعضًا، وأنتم أهل ملة واحدة، ودعوة واحدة، ودين واحد. فجعل جل ثناؤه أهل الإسلام كلهم بعضَهم من بعض. وجعل القاتل منهم قتيلا = في قتله إياه منهم = بمنزلة قَتله نفسه، إذ كان القاتلُ والمقتول أهلَ يد واحدة على من خالف مِلَّتَهُما. (١)

وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

*ذكر من قال ذلك:

٩١٦٥ - حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن مفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي:"ولا تقتلوا أنفسكم"، يقول: أهل ملتكم.

٩١٦٦ - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح:"ولا تقتلوا أنفسكم"، قال: قتل بعضكم بعضًا.

* * *

وأما قوله جل ثناؤه:"إن الله كان بكم رحيمًا"، فإنه يعني: إن الله تبارك وتعالى لم يزل"رحيمًا" بخلقه، (٢) ومن رحمته بكم كفُّ بعضكم عن قتل بعض، أيها المؤمنون، بتحريم دماء بعضكم على بعض إلا بحقها، وحظْرِ أكل مال بعضكم على بعض بالباطل، إلا عن تجارة يملك بها عليه برضاه وطيب نفسه، لولا ذلك هلكتمْ وأهلك بعضكم بعضًا قتلا وسلبًا وغصبًا.

* * *


(١) انظر تفسير"أنفسكم" في مثل هذا المعنى ٢: ٣٠١ / ٦: ٥٠١ / ٧: ٤٥٤، ٤٥٥.
(٢) انظر تفسير: "كان" في مثل هذا فيما سلف ٧: ٥٢٣ / ٨: ٥١، ٨٨، ٩٨

<<  <  ج: ص:  >  >>