للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو جعفر: فتأويل الآية على تأويل عبد الله هذا: إن الله لا يظلم عبدًا وجب له مثقال ذَرّة قِبَل عبد له آخر في مَعاده ويوم لقائه فما فوقه، (١) فيتركه عليه فلا يأخذه للمظلوم من ظالمه، ولكنه يأخذه منه له، ويأخذ من كل ظالم لكل مظلوم تَبِعَتَهُ قِبَله (٢) ="وإن تك حسنة يضاعفها"، يقول: وإن تُوجد له حسنة يضاعفها، بمعنى: يضاعف له ثوابها وأجرها ="ويُؤت من لدنه أجرًا عظيمًا"، يقول: ويعطه من عنده أجرًا عظيمًا،"والأجر العظيم" (٣) الجنة، على ما قاله عبد الله.

* * *

ولكلا التأويلين وجه مفهوم = أعني التأويل الذي قاله ابن مسعود، والذي قاله قتادة = وإنما اخترنا التأويل الأول، لموافقته الأثرَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع دلالة ظاهر التنزيل على صحته، إذ كان في سياق الآية التي قبلها، التي حث الله فيها على النفقة في طاعته، وذمِّ النفقة في طاعة الشيطان. ثم وَصَل ذلك بما وعدَ المنافقين في طاعته بقوله:"إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرًا عظيمًا".

واختلفت القرأة في قراءة قَوله:"وإن تك حسنة". فقرأت ذلك عامة قرأة العراق: (وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً) بنصب"الحسنة"، بمعنى: وإن تك زنةُ الذرّة حسنةً، يضاعفها.

* * *


(١) السياق: "وجب له مثقال ذرة ... فما فوقه".
(٢) "التبعة" (بفتح التاء وكسر الباء) و"التباعة" (بكسر التاء) : ما اتبعت به صاحبك من ظلامة أو حق لك عنده.
(٣) انظر تفسير"الأجر" فيما سلف ٢: ١٤٨، ٥١٢ / ٥: ٥١٩ / ٧: ٥٠١

<<  <  ج: ص:  >  >>