للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الآية بردّه وجوهَهم على أدبارهم = كان بيّنًا فساد تأويل من قال: معنى ذلك: يهددهم بردِّهم في ضلالتهم.

* * *

وأما الذين قالوا: معنى ذلك: من قبل أن نجعل الوجوه منابتَ الشعر كهيئة وجوه القردة، فقولٌ لقول أهل التأويل مخالف. وكفى بخروجه عن قول أهل العلم من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من الخالفين، على خطئه شاهدًا.

* * *

وأما قول من قال: معناه: من قبل أن نطمس وجوههم التي هم فيها، فنردّهم إلى الشأم من مساكنهم بالحجاز ونجدٍ، فإنه = وإن كان قولا له وجه = مما يدل عليه ظاهر التنزيل بعيد. (١) وذلك أن المعروف من"الوجوه" في كلام العرب، التي هي خلاف"الأقفاء"، وكتاب الله يُوَجَّه تأويله إلى الأغلب في كلام مَن نزل بلسانه، حتى يدلّ على أنه معنيٌّ به غير ذلك من الوجوه، الذي يجب التسليم له. (٢)

* * *

وأما"الطمس"، فهو العُفُوّ والدثور في استواء. منه يقال:"طمست أعلام الطريق تطمِسُ طُموسًا"، إذا دثرت وتعفَّت، فاندفنت واستوت بالأرض، كما قال كعب بن زهير:

مِنْ كُلِّ نَضَّاحَةِ الذِّفْرَى إذَا عَرقَتْ ... عُرْضَتُهَا طَامِسُ الأعْلام مَجْهُولُ (٣)

يعني:"طامس الأعلام"، دائر الأعلام مندفنها. ومن ذلك قيل للأعمى الذي


(١) في المطبوعة: "كما يدل عليه"، وفيه خطأ، وفي المخطوطة: "كما يدل على" وفيه خطآن. والصواب ما أثبت.
(٢) في المطبوعة: "من الوجوه التي ذكرت، دليل يجب التسليم له"، زاد فيما كان في المخطوطة لتستقيم الجملة، وكان فيها: "من الوجوه التي يجب التسليم له" والأمر أهون من ذلك، أخطأ فكتب"التي" مكان"الذي"، وهو حق السياق.
(٣) سلف البيت وتخريجه في ٤: ٤٢٤، تعليق: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>