للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عن الأعمش، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: قال عبد الله: إن الرجل ليغدو بدينه، ثم يرجع وما معه منه شيء! يلقى الرجل ليس يملك له نفعًا ولا ضرًا، فيقول:"والله إنك لذَيْتَ وذَيْتَ"، ولعله أن يرجع ولم يَحْلَ من حاجته بشيء، (١) وقد أسخط الله عليه. ثم قرأ:"ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم" الآية. (٢)

* * *

قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال بالصواب، قول من قال: معنى"تزكية القوم"، الذين وصفهم الله بأنهم يزكون أنفسهم، وَصفهم إياها بأنها لا ذنوب لها ولا خطايا، وأنهم لله أبناء وأحبّاء، كما أخبر الله عنهم أنهم كانوا يقولونه. لأن ذلك هو أظهر معانيه، لإخبار الله عنهم أنهم إنما كانوا يزكون أنفسهم دون غيرها.

* * *

وأما الذين قالوا: معنى ذلك:"تقديمهم أطفالهم للصلاة"، فتأويل لا تدرك صحته إلا بخبر حجة يوجب العلم.

* * *

وأما قوله جل ثناؤه:"بل الله يزكي من يشاء"، فإنه تكذيب من الله المزكِّين أنفسهم من اليهود والنصارى، المبرِّئيها من الذنوب. يقول الله لهم: ما الأمر كما


(١) في المطبوعة: "ويجعله أن يرجع"، وهو خطأ لا شك فيه، والصواب في المخطوطة. وقوله: "لم يحل من حاجة بشيء"، أي لم يظفر منها بشيء، ولم يصب شيئًا مما ابتغى، وهو لا يستعمل إلا مع النفي والجحد بهذا المعنى.
وقوله: "ذيت وذيت" من ألفاظ الكنايات، بمعنى: "كيت وكيت".
(٢) الأثر: ٩٧٤٤ -"يحيى بن إبراهيم بن أبي عبيدة بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود المسعودي" سلفت ترجمته برقم: ٥٣٧٩.
و"قيس بن مسلم الجدلي العدواني" روى عن طارق بن شهاب، وروى عنه الأعمش، وسفيان الثوري وآخرون. قال أحمد"ثقة في الحديث، كان مرجئًا" وقال أحمد عن سفيان: "يقولون: ما رفع رأسه إلى السماء منذ كذا وكذا تعظيمًا لله".
و"طارق بن شهاب الأحمسي"، روى عنه الأربعة. ورأى طارق النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه مرسلا، وروى عن الخلفاء الأربعة، وبلال، وحذيفة، وخالد بن الوليد.

<<  <  ج: ص:  >  >>