زعمتم أنه لا ذنوب لكم ولا خطايا، وأنكم برآء مما يكرهه الله، ولكنكم أهل فِرْية وكذب على الله، وليس المزكَّي من زكى نفسه، ولكنه الذي يزكيه الله، والله يزكي من يشاء من خلقه فيطهره ويبرِّئه من الذنوب، بتوفيقه لاجتناب ما يكرهه من معاصيه، إلى ما يرضاه من طاعته.
* * *
وإنما قلنا إنّ ذلك كذلك، لقوله جل ثناؤه:"انظر كيف يفترون على الله الكذب"، وأخبر أنهم يفترون على الله الكذب بدعواهم أنهم أبناء الله وأحباؤه، وأن الله قد طهرهم من الذنوب.
* * *
القول في تأويل قوله: {وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلا (٤٩) }
قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ولا يظلم الله هؤلاء الذين أخبر عنهم أنهم يزكون أنفسهم ولا غيرهم من خلقه، فيبخسهم في تركه تزكيتهم، وتزكية من ترك تزكيته، وفي تزكية من زكى من خلقه = شيئًا من حقوقهم، ولا يضع شيئًا في غير موضعه، ولكنه يزكي من يشاء من خلقه، فيوفِّقه، ويخذل من يشاء من أهل معاصيه. كل ذلك إليه وبيده، وهو في كل ذلك غير ظالم أحدًا = ممن زكاه أو لم يزكه = فتيلا.
* * *
واختلف أهل التأويل في معنى"الفتيل".
فقال بعضهم: هو ما خرج من بين الإصبعين والكفين من الوسخ، إذا فتلتَ إحداهما بالأخرى.
*ذكر من قال ذلك:
٩٧٤٥ - حدثني سليمان بن عبد الجبار [قال، حدثنا محمد بن الصلت]