للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

احترقت الجلود ثم أعيدت جديدة بعد الاحتراق، (١) قيل:"هي غيرها"، على ذلك المعنى.

* * *

وقال آخرون: معنى ذلك:"كلما نضجت جلودهم"، (٢) سرابيلهم، بدلناهم سرابيل من قَطِران غيرها. فجعلت السرابيل [من] القطران لهم جلودًا، (٣) كما يقال للشيء الخاص بالإنسان:"هو جِلدة ما بين عينيه ووجهه"، لخصُوصه به. قالوا: فكذلك سرابيل القطران التي قال الله في كتابه: (سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ) [سورة إبراهيم: ٥٠] ، لما صارت لهم لباسًا لا تفارق أجسامهم، جعلت لهم جلودًا، فقيل: كلما اشتعل القَطِران في أجسامهم واحترق، بدلوا سرابيل من قطران آخر. قالوا: وأما جلود أهل الكفر من أهل النار، فإنها لا تحترق، (٤) لأن في احتراقها = إلى حال إعادتها = فناءَها، (٥) وفي فنائها رَاحتها. قالوا: وقد أخبر الله تعالى ذكره عنها: أنهم لا يموتون ولا يخفف عنهم من عذابها. قالوا: وجلود الكفار أحد أجسامهم، ولو جاز أن يحترق منها شيء فيفنى ثم يعاد بعد الفناء في النار، جاز ذلك في جميع أجزائها. وإذا جاز ذلك، وجب أن يكون جائزًا عليهم الفناء، ثم الإعادة والموت، ثم الإحياء، وقد أخبر الله عنهم أنهم لا يموتون. قالوا: وفي خبره عنهم أنهم لا يموتون، دليل واضح أنه لا يموت شيء من أجزاء أجسامهم، والجلود أحدُ تلك الأجزاء.

* * *

وأما معنى قوله:"ليذوقوا العذاب"، فإنه يقول: فعلنا ذلك بهم، ليجدوا ألم العذاب وكربه وشدته، بما كانوا في الدنيا يكذّبون آيات الله ويجحدونها.

* * *


(١) في المطبوعة: "الاحتراق"، وأثبت ما في المخطوطة.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "وقال آخرون: معنى ذلك"، والسياق يقتضي ما أثبت.
(٣) الزيادة التي بين القوسين، لا غنى عنها.
(٤) في المطبوعة: "لا تحرق" والجيد ما في المخطوطة كما أثبته.
(٥) يعني: أنها عندئذ تفنى حتى تعاد مرة أخرى، وفناؤه يوجب فترة يخف فيها عنهم العذاب. وهذا باطل كما سترى في الحجج التالية.

<<  <  ج: ص:  >  >>