محمد بن أبي موسى في هذه الآية:"ويستفتونك في النساء"، قال: استفتوا نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم في النساء، وسكتوا عن شيء كانوا يفعلونه، فأنزل الله:"ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب"، ويفتيكم فيما لم تسألوا عنه. قال: كانوا لا يتزوجون اليتيمة إذا كان بها دمامة، ولا يدفعون إليها مالها فتنفق، فنزلت:"قل الله يفتيكم في النساء وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن"، قال:"والمستضعفين من الولدان"، قال: كانوا يورِّثون الأكابر ولا يورثون الأصاغر. ثم أفتاهم فيما سكتوا عنه فقال:"وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحًا والصلح خيرٌ"= ولفظ الحديث لابن المثنى. (١)
قال أبو جعفر: فعلى هذا القول:"الذي يتلى علينا في الكتاب"، الذي قال الله جل ثناؤه:"قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم":"وإن امرأة خافت من بعلها نشوزًا أو إعراضًا"، الآية. والذي سأل القوم فأجيبوا عنه في يتامى النساء: اللاتي كانوا لا يؤتونهن ما كتب الله لهن من الميراث عمَّن ورثته عنه.
* * *
قال أبو جعفر: وأولى هذه الأقوال التي ذكرنا عمن ذكرناها عنه بالصواب، وأشبهها بظاهر التنزيل، قول من قال: معنى قوله:"وما يتلى عليكم في الكتاب"، وما يتلى عليكم من آيات الفرائضِ في أول هذه السورة وآخرها.
(١) الأثر: ١٠٥٥٦ -"محمد بن أبي موسى" ترجم البخاري في الكبير ١ / ١ / ٢٣٦، لرجل بهذا الاسم، ظاهر أنه قد روى عنه داود بن أبي هند. وقال: "قال لنا الحميدي، حدثنا سفيان، عن أبي سعد، عن محمد بن أبي موسى، عن ابن عباس. وقال في التهذيب"محمد بن أبي موسى، عن ابن عباس قوله ... وعنه أبو سعيد البقال"قلت [القائل ابن حجر] : في طبقته: محمد بن أبي موسى، روى عن زياد الأنصاري، عن أبي بن كعب. وعنه داود بن أبي هند". كأنهما عنده رجلان.